الشباب هم عماد المستقبل وأمل الأمة وقادة البلد ومسؤولوه في الغد الواعد، لذا تهتم بهم الدولة وتحرص على تلمُّس احتياجاتهم ومعرفة اهتماماتهم وقضاياهم والعمل على حلها، بل تحرص على حمايتهم من الانزلاق والمتاهات الفكرية والثقافية والسلوكيات السالبة التي تهدد مستقبلهم وتضعف همتهم وتؤثر على عطائهم ونجاحهم. وقد سرني حقاً تعامل صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وسمو نائبه مع الشباب بكل أطيافهم المنضمين إلى المكرمين في الاحتفالات العامة، وقد شاهدت ذلك بكل إعجاب وأدهشتني حكمة أمير الرياض بتعامله الرفيع مع هذه الفئة، ورأيت كيف أنهم لا يضعون حواجز بينهم وبين الشباب، حيث فتحوا لهم قلوبهم قبل مكاتبهم ونظروا إليهم باهتمام ووعي. هذه المواقف ذكرتني موقف معالي رئيس الإذاعة والتلفزيون الأستاذ عبدالرحمن الهزاع الذي يحمل فكراً ناضجاً وعقلاً منفتحاً ورؤية عميقة تجاه هموم الشباب، وبدا ذلك واضحاً حينما قدم ندوة إعلامية في جامعة الملك سعود، حيث تعامل بود وحميمية مع طلاب الجامعة، وكان قريباً منهم متفاعلاً معهم يمازحهم ويضاحكهم معبراً عن ارتياحه لوجوده بينهم، ويقول بحركات شبابية كسرت الحاجز بين المسؤول والشباب. وأكثر ما شدني في هذا الجانب ما طلبه المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي الذي ينظر إلى الشباب من منظور خاص تلمس فيه روح المسؤول وحرص الأب واهتمام الصديق، من خلال تعامل يحمل الرعاية والحرص والتوجيه، حيث طلب بشكل شخصي وودي أن تكون المناسبة موجهة للطلاب، وأن يتم إعطاؤهم فرصة كاملة للحوار، بحيث نستمع إليهم بإصغاء ونتمعن رسالتهم ونتلمس تطلعاتهم وطموحاتهم والإجابة عن أسئلتهم واستنطاق رؤاهم وأفكارهم واقتراحاتهم ومتطلباتهم التي هي متطلبات الوطن، ونستمع إلى حديث المستقبل والأمل والطموح. وقد حدثني زميل لي شاب أنهم طلبوا مقابلة أمير منطقة الرياض وهم يدركون مدى مسؤولياته وانشغاله وضيق وقته وكثرة مهامه، وفي الوقت ذاته يدركون مدى حرص سموه واهتمامه بهذه الشريحة، وكذلك سعيه لإفساح المجال أمامهم، فطلبوا مقابلته من أجل إطلاع سموه على منجزاتهم الشبابية (التطوعية)، وبعيداً عن الرسميات والبروتوكولات جاءتهم الموافقة سريعاً لمقابلة سموه وسمو نائبه، وقد ترجمت تلك الاستجابة السريعة اهتمام المسؤولين بالشباب، وحرصهم على اقتطاع جزء من وقتهم للاستماع إليهم والوقوف على جهودهم وتوجيههم وتبصيرهم بما ينير لهم الطريق نحو المستقبل. هذه المواقف أكدت لي مدى الاهتمام الذي يحتاجه الشباب، وضرورة القرب منهم ومشاركتهم قضاياهم واهتماماتهم؛ فهم الفئة الأهم في المجتمع، وكذلك أهمية النزول إليهم ومعرفة احتياجاتهم الآنية والمستقبلية ومتابعة أمورهم الحياتية ومناقشتهم في ما يشغل بالهم والتعمق في دواخلهم واكتشاف قدراتهم وتوظيف طاقاتهم الفكرية والبدنية والإبداعية، واستنطاق مرئياتهم؛ فالشباب لديهم الكثير من الحماس والأفكار، وهذا يحتِّم التعاطي معه باهتمام وعدم تجاهل، فالكثير من الابتكارات والاختراعات والخطط والبرامج تنطلق من عقول شابة متوهجة مبدعة متطلعة موهوبة. ولكن على الرغم من هذه الإشراقات التي نعتبرها نبراساً للتعامل والتفاعل مع هذه الفئة المهمة في المجتمع، فإن ما يزعج المرء كثيراً رؤية بعض المسؤولين الذين يقلون مكانة ووظيفة ومسؤولية عن هذه النماذج الرائعة تجدهم يتعالَيْن على الشباب ولا يتيحون لهم فرصة التعامل، ولا يسمعون لهم ولا يعلمون ماذا يدور ويجول في خواطرهم. أيها المسؤولون على مختلف المستويات، لا تنسوا أن بذرة الإبداع، والخبرة والتجربة تجذَّرت لديكم في مرحلة الشباب، وأن هذه الشريحة هم من سيتولون مسؤوليات الغد، وأنهم يزخرون بالطاقات الفكرية والإبداعية والمواهب والتطلعات والعزم والإصرار والبحث عن النجاح، فافتحوا لهم صدوركم وقلوبكم قبل أبوابكم وادخلوا إلى صناديق عقولهم فستجدون العجب العجاب من الكنوز والجواهر، ستجدونهم أقرب إليكم، ستجدون لديهم فراغاً كبيراً، يحتاج إلى توجيهاتكم وبرامجكم وفعالياتكم ورؤاكم ونصائحكم، هم بحاجة إلى شغل أوقاتهم ثقافياً ومهنياً وتدريباً وتأهيلاً ورياضة وتقنية وتنمية مهارات وغير ذلك.. نعم انزلوا إلى الشباب؛ فهم جيل الغد الصاعد والأمل الواعد.