قبل أعوام اشتكى المفكر العراقي الشيعي المذهب العربي الهوى والانتماء والوطني حتى النخاع حسن العلوي، من أن أحد أسباب مشكلات العرب السنة، وبالتالي مشكلات العراق، هو افتقاد أهل السنة العرب لمرجعية جامعة تجعلهم يسيرون خلف قيادة واحدة توحد مواقفهم ويكون لموقفهم الموحد التأثير الذي يتناسب مع نسب تمثيلهم الذي لا يقل كثيراً عن نظرائهم الشيعة العرب، الذين وإن اختلفت أحزابهم وتعددت وكثرت المليشيات التي يقاتلون ضمن صفوفها، إلا أنهم يتبعون جميعاً إلى مرجعية واحدة تلزمهم بالسير وفق ما ترسمه من توجهات. ورغم وجود أكثر من مرجعية شيعية في العراق تحمل اللقب الأعلى في السلم المذهبي الشيعي (آية الله)، إلا أن جميع المرجعيات يتبعون ولا يتجاوزون المرجعية الأعلى (آية الله العظمى) علي السيستاني. أما العرب السنة فيتوزعون بين أحزاب شتى وجماعات مسلحة وعشائر متنوعة وقيادات مناطقية متعددة، فهناك الحزب الإسلامي والذي يضم جماعة الإخوان المسلمين، وهناك حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يرأسه الآن عزت إبراهيم الدوري، والجماعات الدينية الصوفية وأبرزها جماعة النقشبندية، وهي جماعة صوفية دينية بدأت تمارس السياسة بعد التجاء عزت إبراهيم الدوري لهم. وبعد كل هذا الموازيك السياسي الديني، يفرض التنوع العشائري والمناطقي سطوته على الانتماءات العربية السنية؛ فشيوخ القبائل العربية في الأنبار لهم سطوتهم على مناطقهم، ومثلهم شيوخ عشائر نينوى وكركوك وصلاح الدين وبالي. ولقد استغلت الحكومات العراقية المركزية هذا الضعف في تماسك النسيج السني العربي فاستمالت قبائل وأبعدت قبائل أخرى، وانضم بعض شيوخ القبائل للقوائم الانتخابية التي تدعم نوري المالكي، فيما تعرض شيوخ قبائل أخرى للإقصاء بل وحتى القبض عليهم واتهامهم بالإرهاب مثلما حصل لقبائل آل علوان والعيساوي، فيما فضل شيوخ عشائر أخرى التعاون مع الحزب الإسلامي ودخلوا على قوائم الحزب في الانتخابات البرلمانية. ظاهرة التشرذم التي أضعفت السنة العرب كثيراً واجهت الموفدين الدوليين الذين يزورون العراق ويحاولون إشراك العرب السنة في العملية السياسية وجعلهم أكثر تأثيراً، وآخر هؤلاء الموفدين السنتاور الأمريكي جون ماكين الذين التقى عدداً من الشخصيات العراقية العربية السنية، فيما اشتكت شخصيات أخرى مدعية إبعادها عن لقاء الموفد الأمريكي الكبير بسبب هيمنة شخصيات سياسية عراقية من العرب السنة تحتل مواقع متقدمة في السلطة، وهم بهذا يغمزون من قناة رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري الذي يعد أحد قادة الحزب الإسلامي. هذه المشاحنات والتشرذم الذي لا يزال يهيمن على علاقات القوى السياسية في المكون العربي السني سيضعفها كثيراً ويجعلها غير قادرة على التعامل بتكافؤ وندية مع المكونين الآخرين التحالف الشيعي والتحالف الكردي.