لو نجحَ الدكتور سليمان أبا الخيل، كما أشرتُ أمس، في وضع آلية صارمة لمراقبة المساجد، ولو ضرب بيد من حديد على القائمين على كل مسجدٍ يخل بمعايير النظافة والبيئة الصحية والصوتية، فسيخلقُ حضوراً جديداً للوزارة في ساحة المساجد، وسيقضي على سمعتها التقليدية، بأنها غائبةٌ دوماً عن المشهد المسجدي. هو يحتاج أن يقول لكل أئمة المساجد بأنني موجودٌ معكم دوماً عبر نظام مراقبةٍ دقيق، وأن من يخالف الأنظمة سيكون عرضةً للجزاءات. تعال لخطب الجُمع في مساجد المملكة. تعال لتشهد العجب العُجاب. من خطيب مثقف يلتزم بالسنة الوسطية، إلى خطيب لا يملك من العلم ولا من الوعي ما يؤهله ليقف على المنبر الأسبوعي الأهم. من خطيب هادئ يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، إلى خطيب متوتر يقرأ الدين من خلال أمراضه النفسية. ووسط كل هذا الحشد من الخطباء الذين يختارون مواضيعهم كما يحلو لهم، تقف الوزارة مكتوفة الأيدي، على أساس أنها ليست جهة تنفيذية، وأنها لا تملك الأدوات التي تمكّنها من مراقبة الخطباء، وإيقاف المخالفين للشروط عند حدّهم. لقد تعوّدنا أن تمسح وزارة الشؤون الإسلامية السبورة في كل تجمع نجتمع فيه لمناقشة الحالية الشرعية، هذا هو عذرُها الدائم. ولكي تتحول من دور المسح إلى دور الكتابة، فعليها أن تترك مكاتبها وأن تدخل إلى المساجد والجوامع والمراكز الدعوية، لكي تعايش ما يحدث فيها، فالمسجد والمركز الدعوي اليوم هما الصراط الذي يمشي عليه شبابنا، والذي قد ينجو بهم وقد يهلكهم.