د. محمد النمشان استشاري جراحة الأطفال يقدم لنا عبر السطور التالية إضاءات حول الأمراض المكتسبة وجراحة الأطفال إضافة إلى عمليات فصل التوائم.. ود. النمشان من مواليد منطقة الباحة، درس فيها ثم التحق بجامعة الملك عبدالعزيز ثم بالشؤون الصحية في الحرس الوطني، كما أحز زمالة الجراحة العامة البريطانية والإيرلندية والعربية والسعودية ثم ابتعث إلى كندا وعاد للعمل في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية ويعمل الآن كذلك أستاذاً مساعداً في جامعة الملك سعود للعلوم الصحية في وزارة الحرس الوطني. . ما الفرق بين الأمراض المكتسبة وجراحة الأطفال؟ - بعض الأطفال يولدون بانسداد في بعض أجزاء الأمعاء أو المريء أو فتحة الشرج هذا يسمى بالعيوب الخلقية، وهناك أمراض مكتسبة لدى الأطفال مثل الإصابة بحادث مثل الدراجة النارية أو احتراق الجسم، نحن في المملكة نجد أن غالبية الفئة العمرية تكون تحت ست عشرة سنة وهذه الشريحة تشكل 40 في المائة من المجتمع يعني ما يقارب نصف المجتمع. العمليات والحالات . كم نسبة العمليات للأطفال الذين لديهم عيوب خلقية أو مكتسبة؟ - لا أخفيك حقيقة ليس هناك أرقام دقيقة لعدم وجود مراكز تعنى بتلك الأرقام لكن هناك عمل جاد على تخصيص مراكز للإحصائيات وسيكون هناك مركز وطني معني بذلك لكن العيوب الخلقية بشكل عام تتفاوت حسب نوعها فبعضها تحصل في مائة مولود يكون هناك اثنان، والبعض في خمسين ألفاً واحد، ففي المملكة لا توجد لدينا أرقام دقيقة لكن ستجدونها مستقبلاً بإذن الله. . بالنسبة للأمراض أو الحالات التي تتطلب جراحة هل هي في الغالب وراثية؟ - منها وراثية وهذه قليلة ولله الحمد معظمها غير وراثي تعود لنشأة الطفل أو خلل معين في بعض أعضاء الجسم أو تكوّن جسم الطفل أثناء الحمل، وطبعاً ليس كل عيب خلقي يكون وراثياً. . ما الأصعب لكم في إجراء العمليات هل الوراثي أم المكتسب؟ - في الأشياء المكتسبة تكون صعبة مثل حرق 80 في المائة للجسم أما الخلقي فعلاجه بسيط جداً وتختفي، ويقدر يعيش الطفل طبيعياً؛ لذلك ما في شيء سهل أو صعب كل على حسب حالته. الفريق الطبي والتوائم . كم يضم الفريق الطبي لعمليات فصل التوائم السياميين؟ - ليس هناك عدد محدد، يرجع ذلك لحالات الأطفال فهناك عمليات يكون عدد الفريق 50 شخصاً وقد يزيد، وهناك تخصصات مختلفة مثل طبية وتمريض ومساندة؛ هذا له علاقة مباشرة بعمليات الفصل وغيرهم الكثير يكون لهم علاقة غير مباشرة بفصل وبعض الحالة يكون عدد الفريق قليلاً تقريباً 20 وهذا يعود إلى الحالة وحسب منطقة اشتراك التوائم السياميين. . أي مرحلة تعد الأصعب في عملية فصل التوائم؟ - في بعض الأوقات صعب أنك تحدد أين أصعب مرحلة لكن هناك مراحل حرجة وتختلف باختلاف التوائم مثلاً تجد توائم مشتركة بالصدر والبطن أو بالرأس ليس هناك مراحل صعبة، بل تحتاج جهوداً أكثر ووقتاً أو تكون حساسة، بل الأصعب أخذ القرار بإجراء العملية ليس العملية نفسها. . كم يستغرق الجسم كي يعود إلى حالته الطبيعية؟ - يعود إلى كبر العملية نفسها فبعض الأطفال تجرى له العملية في يوم واحد لأن الجسم يعود إلى وظائفه الطبيعية بعد ساعات من العملية؛ فتجد الطفل يخرج من غرفة العمليات إلى غرفة الملاحظة لساعات محدودة وبعدها يقضي باقي اليوم مع أهله في البيت الآن المنطقة التي أجريت فيها العملية كانت بسيطة أو صغيرة لكن بعض المناطق تكون كبيرة تحتاج إلى ساعات وجهود أكثر؛ هذه ربما تحتاج إلى أسابيع كي يعود الجسم لحالته الطبيعية، طبعاً يعتمد على كبر العملية نفسها ووقتها. أصعب موقف . أذكر أصعب موقف واجهته أثناء العمليات وتوقعت أن الأمر خطير جداً وماذا فعلت لتفادي الموقف؟ - طبعاً إذا كنت جراح أطفال وتجري العمليات بشكل دوري طبيعي يحصل لك مثل هذه المواقف؛ لأنك تأخذ الطفل إلى غرفة العمليات ويكون بين الحياة والموت مثل حادث السير مثلاً ، وتكون علامة الحيوية لديه متدنية جداً جداً وتوقف مصدر نزيف لديه فيعود إلى حاله الطبيعي ويشفي الله الطفل؛ فهذه المواقف شيء طبيعي كونك جراح أطفال. . متى كانت لك أول مشاركة في عملية فصل التوائم السياميين؟ - كانت في عام 2004 بعد رجوعي من البعثة الدراسية وعملت كاستشاري في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الحرس الوطني ثم التحقت بالفريق الطبي برئاسة الدكتور عبدالله الربيعة. . ماذا يعني لك الدكتور عبدالله الربيعة الوزير السابق لوزارة الصحة؟ - شهادتي فيه مجروحة بكل أمانة؛ دكتور عبدالله كان أستاذي أول ما تخرجت في كلية الطب، وعملت معه واستفدت منه كثيراً، وحتى اختياري لجراحة الأطفال يعود لحبي لهذا التخصص، لكن من الناس الذين اشتغلت معهم وجعلوني أميل لجراحة الأطفال أكثر هو دكتور عبدالله الربيعة وبعض زملائي فقبل أن يكون زميلاً كان أستاذاً وكان أخاً ومرشداً لنا في جراحة الأطفال. عدد العمليات . كم عملية أجريتها إلى الآن؟ - والله تقريباً في حدود 250 حالة في السنة يمكن توصل إلى 2500 أو 3000 حالة التى عملتها في السنوات التسع الماضية، أما عمليات فصل التوائم السياميين تقريبا 20عملية. . كم تستغرق مدة الكشف ثم القرار بإجراء العملية؟ - البعض يأخذ منك دقيقتين أو ثلاث هذا بالنسبة للحالة العامة للجراحة أما فصل التوائم عادة يكونون غير طبيعيين يكون عندهم حاجة أو خلل معين أو تشوهات آخر فيحتاجون وقتاً أطول للفحوص بعضهم يحتاج إلى أسبوع أو أيام حتى يكتمل بعض الفحوص ثم يؤخذ قرار الفصل لكن يبقى التوقيت لإجراء العملية حتى ينمو الأطفال وكذلك الوزن، وبعض القرارات تتأخر وتأخذ سنة، وقد تكون أكثر كلٌّ حسب حالته طبعاً نحن نعتمد على ثلاثة عوامل وهي الوزن والعمر وصحة الأطفال. . هل ترددت في إجراء بعض العمليات؟ - التردد ليس من العملية نفسها لكن ما ينتج عن العملية من مضاعفات للمريض أو صاحب العملية، ونحن نجري حسابات عدة أحد هذه الحسابات؛ ما نتيجة هذه العملية، وما مضاعفاتها ونسبة نجاحها؟ طبعاً نسبة النجاح لا تعتمد على نجاح العملية نفسها ربما تكون العملية ناجحة لكن ما بعد العملية، طبعاً نناقش أهل المريض ونحاول نوزن الأمور جيداً في ذلك؛ هنا تأتي صعوبة في ذلك وهي اتخاذ القرار ليس الخوف أو التردد في العملية نفسها كما ذكرت سابقاً، بل في اتخاذ القرار. الإعلام وفصل التوائم . هل ترى أن فريقكم الطبي قد ظلم إعلامياً سواء على مستوى الإعلام المحلي أم العالمي؟ - على مستوى الإعلام المحلي لا لم نظلم، بل أبرز إنجازات المملكة في عمليات فصل التوائم السياميين، أما عالمياً فقد تحدثت بعض وسائل الإعلام العالمية عن خبرات المملكة في فصل التوائم السياميين فأنا لا أسميه ظلماً، بل انشغالنا عن ذلك لم يجعل خبرتنا تبرز بشكل علمي في الأوساط العلمية بشكل واضح كي يستفيد صاحب تخصص من خبرات أعضاء الفريق مستقبلاً، وهناك بعض أعضاء الفريق ألف كتباً تفيد الباحثين مثل كتاب دكتور عبدالله الربيعة فهو يفيد عامة الناس بشكل أكبر والمتخصصين بشكل محدود وهناك أيضاً بعض المؤتمرات العلمية استعرض فيها مايفيد أصاحب المجال أكثر وعامة الناس لكن إلى الآن لم يبرز بشكل كامل، بل أجزاء بسيطة من الخبرة في العالم العلمي، ولنا خطط مستقبلية نعمل عليها الآن، وإن شاء الله ترونها قريباً. مراحل التأهيل . هل هناك مراحل تأهيل بعد إجراء العملية.. وكم تستغرق؟ - بعض مراحل التأهيل تبدأ قبل العملية الجراحية ويتم تحضيرها قبل العملية؛ فهناك تأهيل جسدي ووظيفي ونفسي، وطبعاً يعتمد التأهيل على مناطق الاشتراك للأطفال وطول مدة الاشتراك بينهم. . ما أصعب مرحلة تأهيل هل هي نفسية أم جسدية؟ - طبعاً يعود كما قلت سابقاً يعتمد على منطقة الاشتراك وطول مدة الاشتراك، مثلًا أطفال ظلوا مشتركين وبعد فترة يتم فصلهم فهذا يؤثر نفسياً ويحتاج لفترة تأهيل نفسي كبيرة جداً. . هناك أسماء في الفريق كثيرة جداً ماذا يعنون لك على المستوى الشخصي؟ - دون تخصيص أسماء.. جميعهم أصدقاء وزملائي وأغلب الوقت نقضيه في غرفة العمليات والبعض نلتقي بهم في بعض المناسبات واعتز كثيراً بزمالتهم. هناك وعي أكثر . هل هناك وعي كبير لدى أهالي الأطفال، وهل تجدون التجاوب بشكل إيجابي منهم ويتفهمون بعض المواقف؟ - بكل صراحة نعم الغالبية تجد أنهم قرأوا عن حالة ابنهم عن طريق «النت» وأخذوا بعض المعلومات؛ فصراحة حالياً هناك وعي أكثر وتجاوب ممتاز أفضل من الأول. . هل توجد حالات تأتيكم تم علاجها بطريقة شعبية وهو في حاجة لعملية جراحية، وهل تصعب عليكم علاجها؟ - أكيد نعم تؤثر كثيراً على صحة الطفل وكذلك علينا كأطباء في علاجها فتجد الطفل حالته حرجة ومتأخرة في العلاج فيحتاج لمدة أطول للعلاج. . نصيحة تحب توجهها للناس؟ - الآن نحن مقبلون على الشتاء ويكثر خروج العائلات إلى البر أو المتنزهات فيجب الحذر والانتباه للأطفال من الدراجات النارية ويجب التأكد من الغطاء الواقي من «الجنزير»؛ لأنه يسبب بتراً لأحد أعضاء الجسم، وأتمنى الصحة والسلامة للجميع. . ماذا استفاد الأطباء. والطب عموماً في المملكة من عمليات فصل التوائم؟ - الأطباء في عمليات فصل التوائم هم الجزء المعطاء ولكن هنالك استفادة لهم سواء بشكل مباشر أم غير مباشر أوجدت لديهم خبرة كبيرة في إجراء العمليات الجراحية الكبيرة جداً وفي التعامل مع الحالات المعقدة وكذلك الحالات الحرجة وعززت لديهم روح الفريق الواحد. العالم استفاد من عمليات فصل التوائم في المملكة الاستفادة المباشرة للتوائم أنفسهم، حيث قدمت لهم الرعاية الطبية وكذلك هناك خبرة في عمليات فصل التوائم العديدة والمختلفة، وكان هنالك إجراءات جديدة وأشياء جديدة تمت في هذه العمليات وتم نشرها في المجلات العلمية المحكمة كي يستفيد العالم من هذه العمليات. مليون ريال للعملية . يقول موقع ويكيبديا إن عمليات فصل التوائم مكلفة جداً وقد تصل إلى أكثر من مليون دولار.. هل هذا صحيح؟! - نعم هذا الكلام صحيح؛ خاصة في أمريكا وأروربا لكن في المملكة لا يوجد تقييم دقيق للتكلفة، لكن قدر تقريباً للعملية الواحدة مليون ريال، وتختلف من عملية إلى أخرى، وكذلك على حسب موقع الالتصاق وفترة مكوثه في المستشفى في العناية المركزة وأجهزة معينة لتأهيل المريض والمتابعة مستقبلاً. . كيف نعالج أو نحد من كثرة الأخطاء الطبية «القاتلة» في مستشفيات المملكة؟ - أولاً: الأخطاء أو الأضرار التي تنتج للمريض جراء الإجراءات الطبية المعروفة عالمياً وفي جميع دول العالم والمملكة ليست في معزل عن ذلك للأسف لا يوجد تصور دقيق لمدى حجم الأخطاء الطبية في المملكة، لكن لا أظنها تختلف عن كثير من الدول المتقدمة في الطب نسبياً ويجب في هذه الحالة أن نفرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات الناتجة من المرض أو طرق العلاج، طبعاً كيف نحد من الأخطاء الطبية الآن الأخطاء الطبية تنتج من عوامل كثيرة لتقديم رعاية صحية للمريض فهناك أخطاء بشرية وأخطاء في الأجهزة وأخطاء في الأنظمة وكذلك أخطاء في طريقة تقديم الرعاية الصحية للمريض؛ لذلك هي أنظمة عندما تكون هنالك أنظمة صارمة للجودة والنوعية يتم التقيد بها تقل هذه الأخطاء إلى أقل درجة؛ هذه الأنظمة معروفة وموجودة في المملكة، وهناك جهد كبير جداً من القطاعات الصحية كافة للتقدم في هذه الأنظمة، تشمل توفير الأنظمة في تقديم الأدوية خاصة الأدوية التي تتشابه في المفعول وشكلًا ألا يكون فيها خلط في أسمائها وجرعاتها أو في تقديمها للمريض، وكذلك هناك أنظمة شديدة جداً للعملية الجراحية للمرضى في المكان الصحيح والاتجاه الصحيح، والفريق المتخصص الصحيح المؤهل والمتابع تأهيله من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وهناك أنظمة في العدوى وانتقال العدوى بحيث تكون المستشفيات بيئة صحية لا يوجد بها عدوى تضر المرضى عن طريق الأجهزة أو عن طريق الأشياء التي يتم تعقيمها قدر الإمكان ويتم استخدامها مرة واحدة، هذه كأمثلة وهنالك أنظمة كثيرة جداً، والحديث يطول فيها جداً لكن كل القطاعات الصحية في المملكة تسعى في هذا الموضوع بشكل جدي.