فجرت الزيارة المفاجئة التي قام بها إلى بغداد، أول من أمس، رئيس الأغلبية الجمهورية في الكونغرس الأميركي، جون ماكين، ولقاؤه رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، ومجموعة من شيوخ العشائر في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، خلافات بين الزعامات العشائرية بشأن آلية الدعوة ومدى جدية الأميركيين في التسليح، إضافة إلى المخاوف التي تبديها الحكومة العراقية حيال تبني الأميركيين لموضوع التسليح من دون التنسيق معها. وبينما اتهم زعيم عشائر الحزب الإسلامي الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان، بأنه هو من أشعل النيران في المحافظات الغربية وتسبب بدخول تنظيم داعش إليها، فإن شيخ قبائل الدليم قلل من جدية واشنطن في تسليح العشائر، بينما أبدى شيوخ حزام بغداد مخاوفهم من أن تكون مناطق أطراف العاصمة ضحية الصراعات والخلافات. وكان رئيس البرلمان العراقي دعا إلى دعم العشائر وضمها في نطاق الأجهزة الأمنية خلال لقائه مع السيناتور ماكين. وقال بيان صدر، أمس، عن مكتب الجبوري، إن «دعم أبناء العشائر في مواجهة كل أشكال الإرهاب في المحافظات ركيزة أساسية من ركائز استقرار مناطقهم». وأكد الجبوري «ضرورة دعم العشائر وضمها في نطاق الأجهزة الأمنية وإشراكها في عملية تحرير مناطقها من سيطرة (داعش)، مع توفير كل ما تحتاجه لتحرير مناطقها». من جهته، أكد ماكين أن «الولايات المتحدة الأميركية حريصة على سماع هذه الكلمات من القادة العشائريين وعازمة على مساعدة العشائر في مواجهتها ضد الإرهاب». وفي بيان منفصل عن لقاء ماكين عددا من شيوخ العشائر في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، أكد الجبوري «على ضرورة دعم العشائر وضم أبنائها في نطاق الأجهزة الأمنية وإشراكهم في عملية تحرير مناطقهم من سيطرة (داعش)، مع توفير كل ما يحتاجونه لتحرير مناطقهم». وأشار الجبوري، بحسب البيان، إلى أن «دعم أبناء تلك العشائر في مواجهة الإرهاب في المحافظات، ركيزة أساسية من ركائز استقرار مناطقهم». في سياق ذلك، أكد شيخ عشيرة البوفهد، رافع عبد الكريم الفهداوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «وعدد كبير من شيوخ الأنبار ممن تقاتل عشائرهم على الأرض، لم توجه لنا الدعوة لحضور اللقاء مع ماكين الذي يعد شخصية مؤثرة وقوية في الولايات المتحدة الأميركية، وهو أمر قد يثير الاستغراب في حال أردنا القيام بجهد حقيقي للتصدي لتنظيم داعش، لكن الاستغراب يزول حين نعلم من هم الشيوخ الذين تمت دعوتهم وهم الشيوخ المؤيدون حصرا للحزب الإسلامي». وأضاف الفهداوي أن «مشكلتنا كبيرة مع الحزب الإسلامي؛ إذ إنه عمد ومنذ البداية إلى مصادرة رأينا وإرادتنا في حين أنه كان هو من أشعل النيران في المحافظات الغربية، بدءا من محافظة الأنبار، وسهلت ممارساته دخول (داعش)، بينما نراه اليوم يريد التصدي لإطفاء ذات النار التي أشعلها في المحافظة وفي عموم العراق»، مؤكدا أن «هذه الأمور لم تعد تنطلي على أحد وفي المقدمة منهم أبناء الأنبار، ونتمنى ألا تنطلي هذه الحيلة على الأميركيين الذين يتوجب عليهم معرفة مع من يتحدثون، خصوصا إذا كان الكلام يتعلق بتسليح العشائر أو الحرس الوطني». وأشار الفهداوي إلى أنه «في الوقت الذي لا يمكن لأحد أن يزايد علينا في التصدي لتنظيم داعش على الأرض، فإن الحزب الإسلامي سيبقى متهما خطيرا بما أحدثته سياسات من كوارث في المحافظات الغربية». أما شيخ قبائل الدليم، ماجد العلي السليمان، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي نواجهها هي أن كل ما يقال لنا سواء من قبل الحكومة العراقية أو من قبل الأميركيين هواء في شبك». وأضاف: «إننا سبق أن التقينا رئيس الوزراء، حيدر العبادي، واتفقنا على تسليح وتدريب 30 ألف عنصر من أبناء العشائر، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، كما التقينا قبل ماكين بجون آلن، منسق التحالف الدولي، واتفقنا معه على تسليح وتدريب العشائر، ولم يحصل شيء ما عدا الضربات الجوية التي يقوم بها طيران التحالف الدولي وهي شحيحة أصلا، ناهيك عن أن الطيران مهما كان ليس بوسعه حسم معركة ما لم يتم مسك الأرض». وأوضح السليمان أن «من الواضح أن الحكومة المركزية لا تملك السلاح الكافي، وبالتالي يتوجب على واشنطن الإسراع بعملية التسليح والتدريب شريطة أن يكون من خلال الحكومة حتى تكون هناك شفافية في هذا الأمر». من جهته، أكد رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، حميد الهايس، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر المستغرب حقا هو أن نسمع أن هناك شيوخا يتبعون هذا الحزب أو ذاك مثلما هو حاصل الآن حين يقال إنه تمت دعوة شيوخ الحزب الإسلامي، بينما المطلوب هو تسليح وتدريب أبناء العشائر في المحافظات الغربية لكي يتم التصدي لتنظيم داعش». وكشف الهايس أن «هناك عملية تدريب تجري في قاعدتي عين الأسد والحبانية، وأن العملية أوشكت على الانتهاء، لكن من يتم تدريبهم لم يزودوا حتى الآن بالأسلحة حتى يقاتلوا»، مشيرا إلى أن «لدينا 4 أفواج من الطوارئ قد لا يبقى منهم سوى فوج ولدينا 25 ألفا من الشرطة، لكن قد لا يتبقى منهم 5 آلاف بسبب عدم تزويدهم بالسلاح». بدوره، أشار رئيس رابطة حزام بغداد، الشيخ إياد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود «مخاوف من أن تصادر حصة بغداد العاصمة، ورغم كل ثقلها السكاني بسبب نقاط التماس مع المحافظات المحيطة سواء على مستوى تسليح العشائر التي كانت سببا رئيسا في عدم دخول (داعش) إلى بغداد أو على صعيد تشكيل الحرس الوطني»، مبينا أن «الحاجة باتت جادة لضمان حصة العاصمة من التسليح والحرس الوطني». وأوضح الجبوري أن «اللقاء مع ماكين كان هاما لتوضيح كثير من الرؤى الخاصة بذلك، لا سيما أن المشهد معقد سياسيا وعشائريا، بالإضافة إلى أن ما نطلبه هو ليس خارج إطار سيادة الدولة». في مقابل ذلك، أكد مسؤول أمني مطلع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة إذا تعاملنا معها بشخص رئيسها حيدر العبادي تريد تسليح العشائر، وكذلك تشريع قانون الحرس الوطني، لكن هناك أطرافا قوية داخل التحالف الوطني الشيعي لا تشاطر العبادي رؤيته تلك، بل تقف بالضد من توجهاته». وأضاف المسؤول الأمني الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «تسليح العشائر الغربية قد يمهد الطريق أمام إقامة فيدرالية هناك لم تنضج ظروفها رغم وجودها في الدستور».