أحسنت وزارة المالية، بتوجيه من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في عدم المبالغة في احتساب تأثير انخفاض النفط على موارد 2015م، وبالتالي التخلي عن سياسة التحفظ الشديد الذي كان يتجاوز الواقع أحيانا في أدبيات سياسة الإنفاق التقليدية، وإصدار ميزانية متوازنة لهذا العام، وبالتالي انحسار موجة الذعر التي كان البعض بانتظارها للعب على أوتارها، سواء أكانت حقيقية أو مفتعلة، والتي كان يمكن أن يكون لها آثار لا تخدم البلد في هذه المرحلة. وفي اعتقادي أن قراءة وزارة المالية كانت قراءة موضوعية، فاستمرار الإنفاق بهذه الوتيرة له ما يبرره بأي مقياس كان؛ لأن ذلك أكثر جدوى للبلاد، حتى في ظل انخفاض الموارد لأسباب لا يتسع المكان لذكرها، خلاف أن أسعار النفط يمكن أن تتحسن بأسرع مما يتوقعه المراقبون، وبالتالي لا تكون البلاد ومشاريعها الكبرى عرضة للتحفظ أو الخوف الذي يضيع عليها جملة من المكاسب التي تحتم دفع عجلة الاستثمار في الإنفاق وعدم خفض وتيرة الصرف على المشاريع الرأسمالية؛ لأنها ستكون رأس مال أكبر من قيمتها الفعلية. في اعتقادي أن التحدي الحقيقي لا يكمن في ضبط التوسع في الإنفاق، رغم أن ميزانية هذا العام توازي ميزانية 2012م التي كان الفائض فيها نصف الإنفاق (374 مليارا)، لكن التحدي يكمن في كيفية استثمار هذه الموارد من قبل الأجهزة الحكومية وسيطرة الفكر الاستهلاكي على ثقافة الصرف والإنفاق، وبالتالي تدني نسبة العائد من وراء هذه الموارد لأدنى درجاتها قياسا بالمعدلات العالمية.