لنجاح أي عمل فني لابد من اكتمال ثلاثة أضلاعه التي لابد أن تقوم عليه فهي الرافعة لاعتلائه.. ففي المغنى هناك ثلاثة أضلاع.. الكلمة.. واللحن.. والمطرب أي المؤدي فإذا كانت الكلمة صادقة الرواية – للحكاية – بكل ضلالها وخلفياتها.. لابد من ابراز معانيها بذلك اللحن القادر على الغوص في تلافيف كلماتها فيعطيها ذلك البروز الذي يشد – المطرب – في ايصال ذلك العمل الى المتلقي صافياً.. صفاء ذلك الصوت وعذوبته عندها يكون عملاً ناجحاً ومتكاملاً هذا ما تحقق في لقاء الثلاثة أضلاع. فالشاعر الاستاذ طاهر زمخشري.. وصائغ اللحن الفنان الموسيقار غازي علي والمطرب طلال مداح عندما التقى هؤلاء القمة في عملين.. الاول "أسمر حليوة" حيث قال بابا طاهر: اسمر حليوة مخاصمني سماره هو اللي ظالمني قريب مني في احلامي بعيد عني وقدامي ولا يرضى يكلمني وان عاتبته يتبسم هكذا يعلن عن شكواه الشاعر الذي اعطاها الملحن من مقام الرصد قوة الشكوى التي يمض فيها موضحاً شكواه: اسمر رماني في الهوى بنظرة واشعل في قلبي حسرة ويضحك ورده فخدوده وادعي ربنا يزيده ولو من قطفه يحرمني وان عاتبته يتبسم ولا يكتفي بوصفه وما سببه من حسرة أشعلها في قلبه فمضى يتوجع عندما قال: اسمر وسحره في الهوى الوان وعوده والله بالحلا ريان واحلم به واتمنى وصاله وهو يتجنى ومدري ليه يخاصمني وان عاتبته يتبسم اسمر يا محلا يا محلا جماله واحلا من حسنه سحره ودلاله ورسمه صورة فعيوني ولو بالهجر يكويني خياله ما يغيب عني وان عاتبته يتبسم هكذا يجد في ردة فعل من احب في تبسمه فلا عتاب يفيد ولا شكوى تنفع فاصبح مهاجره على الدوام حتى منع عنه السلام فراح يقول في صوت شجي: سلام لله يا هاجرنا في بحر الشوق وماله قرار خسارة ا لبيت جوار بيتنا ولا ترعى حقوق الجار وانا مداري على ناري واقول يمكن في يوم جاري يراعيني يا اهل الله سلام لله سلام لله ومع هذا كله لا جاره يسمع له ولا هو مل من تكرار مطالبته بالسلام فراح يقول في تشبث منه للاستماع الى سلام قائلاً له: سلام من عينك الحلوة يرد الروح ويحييني يا سحر الشرق يا غنوة يا بحر الشهد ارويني انا اتمنى اعيش فيهم مدى عمري اغنيهم وانا مداري على ناري واقول يمكن في يوم جاري يراعيني يا اهل الله سلام لله سلام لله ولكنه هكذا قضى عمره يتمنى من جاره سلاما او لفتة ترد اليه بعض ما فقده من اتزانه.. فراح يصدح: سلام من عودك المايل غزال يخطر في وديانه يكيد عزاله ويخايل محبينه وخلانه قضيت عمري باتمنى اعيش العمر واتهنى وانا مداري على ناري واقول يمكن في يوم جاري يراعيني يا اهل الله سلام لله سلام لله إنهم الثلاثي القمة في العطاء والابداع.