القاهرة: خالد محمود اغتيل أمس أحد عناصر الجيش الليبي على يد فتاة روسية بالعاصمة الليبية طرابلس، في ملابسات مجهولة ومثيرة للجدل، بينما دعا تقرير دولي السلطات الليبية إلى اتخاذ ما وصفه بإجراءات عاجلة لنقل المحتجزين الخاضعين لسيطرة الكتائب المسلحة ووضعهم تحت السيطرة الفعلية للدولة وبناء قدرات منظومة العدالة الجنائية، مؤكدا أن الانتهاكات مستمرة على الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات. وأعلن هاشم بشر، مسؤول اللجنة الأمنية بمدينة طرابلس، أن فتاة روسية قامت باغتيال محمد الأندلسي مواليد 1955 من سكان منطقة الشط سوق الجمعة، وأصابت والدته ببعض الجروح، مشيرا إلى أن الجهات المختصة تولت التحقيق مع الجانية لمعرفة الدوافع وخلفيات عملية الاغتيال. لكن صحافيين محليين نقلوا في المقابل عن جيران القتيل قولهم إنه كان يدرس خارج ليبيا، وإن المرأة التي قتلته بالرشاش (الكلاشنيكوف) ليست زوجته، وأشاروا إلى أنها كتبت على الحائط بدمه «الموت للجرذان»، وهو تعبير كان العقيد الراحل معمر القذافي يستخدمه ضد معارضيه من الثوار قبل سقوط نظام حكمه ومقتله بعد الثورة الشعبية ضده عام 2011. وقال مسؤولون إن المرأة محتجزة حاليا قيد التحقيق من قبل سرية الإسناد الثامنة (النواصي) بعد ارتكابها للجريمة. من جهة أخرى، قال تقرير أصدرته أمس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بعنوان «التعذيب وحالات الوفاة في مراكز الاحتجاز في ليبيا»، إن طول فترة الاحتجاز والتحقيق على أيدي الكتائب المسلحة في ظل غياب الخبرة أو التدريب في مجال التعامل مع المحتجزين أو إجراء تحقيقات جنائية، علاوة على غياب الرقابة القضائية الفعالة، يخلق بيئة تساعد على التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة. ويستند التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى معلومات تم الحصول عليها بصورة مباشرة خلال الزيارات التي قامت بها البعثة إلى ما يقرب من 30 مركز احتجاز على مدى أكثر من عامين، كما يشمل معلومات تم الحصول عليها من المحتجزين وأسرهم والمسؤولين والمجتمع المدني، علاوة على المعلومات التي تم الحصول عليها من وثائق مثل التقارير الطبية. ولفت التقرير إلى أن التعذيب يجري على نطاق واسع ويكون أكثر تكرارا بعد الاعتقال مباشرة خلال الأيام الأولى من التحقيق، حيث يتم استخدامه لانتزاع الاعترافات وغيرها من المعلومات، مشيرا إلى أنه عادة ما يتم احتجاز الأشخاص دون تمكينهم من الوصول إلى محامين، أو التواصل مع أسرهم إلا بشكل عرضي. ويتم احتجاز الغالبية العظمى من الأشخاص المحتجزين بسبب النزاع، والذين يقدر عددهم بنحو 8000 شخص، دون مراعاة للإجراءات القانونية الواجبة. وسجل التقرير 27 حالة وفاة أثناء الاحتجاز وقعت منذ أواخر عام 2011، حيث توجد معلومات مهمة تفيد بأن التعذيب كان سبب الوفاة. وأوضح أن الأمم المتحدة تلقت معلومات حول عدد من حالات مشابهة خلال هذه الفترة، غير أنها لم تتمكن من توثيقها بصورة كاملة، مشيرا إلى وقوع 11 حالة وفاة أثناء الاحتجاز خلال العام الحالي في مراكز الاحتجاز الواقعة تحت السيطرة الاسمية للحكومة لكنها تدار فعليا بواسطة الكتائب المسلحة التي ظهرت أثناء ثورة 2011 ضد نظام القذافي. وقال التقرير إنه في بعض الحالات أقر أعضاء الكتائب المسلحة طواعية بتعرض المحتجزين لإساءة المعاملة الجسدية، وحاولوا تبرير ذلك. وعلى الرغم من أن التقرير أقر بأن السلطات الليبية ملتزمة على أعلى مستوى بتأمين تسليم المحتجزين لسلطات الدولة، وإنهاء التعذيب، وضمان تفعيل منظومة العدالة الجنائية بشكل صحيح، فإنه لفت الانتباه إلى أن الكتائب احتفظت بالسيطرة الفعلية على مراكز الاحتجاز في العديد من الحالات على الرغم من مساعي الحكومة منذ العام الماضي إلى وضع الكتائب المسلحة المتورطة في عمليات الاحتجاز تحت السلطة الرسمية للدولة من خلال ضم تبعيتها إلى وزارات. ودعت الأمم المتحدة السلطات الليبية والكتائب المسلحة إلى تسريع عملية تسليم المحتجزين لكي يصبحوا تحت السيطرة الفعلية لسلطات الدولة، وفي الوقت نفسه اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المحتجزين ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. كما أوصت بقيام السلطات الليبية بإقرار استراتيجية لفرز المحتجزين بسبب النزاع بحيث يتم إطلاق سراحهم، أو توجيه الاتهام لهم ومحاكمتهم عند الاقتضاء، وذلك تنفيذا لقانون العدالة الانتقالية الذي سن في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، موضحة أنه ينبغي لها أن تقوم ببناء قدرات منظومة العدالة الجنائية لضمان حماية المحتجزين ضد أي شكل من أشكال سوء المعاملة وإنهاء الإفلات من العقاب في ما يخص الانتهاكات المستمرة. إلى ذلك، انتقد المرصد الليبي لحقوق الإنسان الجرائم المرتكبة داخل ليبيا في ظل غياب واضح ومستمر للحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان، ومن بينها جرائم السطو في الطرقات العامة، والتعذيب، والخطف. وعبّر المرصد في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية عن قلقه إزاء اختطاف عدد من أفراد القضاء، معتبرا أن هذا النوع من العمليات التي تستهدف هذه الفئة لا تخدم ليبيا، وستجعل من ادعاء الحكومة بأنها ستقيم محاكمات عادلة للمتهمين محل تشكيك من ناحية، وعدم ثقة من ناحية أخرى. كما أدان البيان ما يحدث من مظاهر مسلحة داخل أروقة المحاكم وقاعاتها من قبل الأفراد المرافقين للموقوفين تحت ذمة التحقيق، مطالبا وزارة العدل بوضع حد لهذه الانتهاكات التي من شأنها إثارة الذعر بين المواطنين داخل المحكمة والتأثير على مجرى التحقيق. وندد البيان بإغلاق حقول النفط والموانئ النفطية، واعتبر أن ما حدث بين عضو المؤتمر والجماعة المسيطرة على الموانئ النفطية أمـر غير مقبول من الطرفين، كما عبّر عن مخاوفه بشأن فكرة سيطرة العائلة على مقدرات الشعب الليبي، وهو الذي أرّق ليبيا طيلة 42 عاما، على حد قوله. وحمل البيان المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المسؤولية الكاملة لعدم مساءلة الحكومة في أداء واجبها المناط بها، واعتبره هو المسؤول الأول أمام الشعب الليبي، باعتباره السلطة المنتخبة الوحيدة من قبله، كما دعا الشارع الليبي إلى الحراك في اتجاه تعزيز الأمن والحقوق والحريات.