يواجه شينزو آبي رئيس وزراء اليابان الذي أعيد انتخابه بشكل رسمي لولاية ثالثة أمس بعض التحديات القديمة والجديدة وفي مقدمتها المعضلات الاقتصادية التي تواجه ثالث أكبر اقتصاد عالمي. ووفقاً لـ "الألمانية"، فإنه منذ إعادة انتخابه في عام 2012، تعهد آبي بإنعاش الاقتصاد الياباني، غير أن البلاد انزلقت نحو ركود اقتصادي للمرة الثالثة منذ أربع سنوات بعد رفع مثير للجدل لضريبة المبيعات في نيسان (إبريل) الماضي. وسيبدأ رئيس الوزراء الياباني ولايته الثالثة في ظروف مماثلة لولايته الثانية، بتفويض كبير لكنه يواجه نتائج اقتصادية سيئة وتوترات متعددة مع جيران اليابان. وتأثر آبي الذي ولد في عام 1954 لأسرة سياسية بجده نوبوسوكي كيشي الذي تولى منصب رئيس الوزراء في الفترة من عام 1957 حتى عام 1960، وبعد تخرجه من جامعة "سايكي" في طوكيو في عام 1977، درس آبي العلوم السياسية في جامعة "ساوثرن كاليفورنيا". وعمل آبي في شركة "كوبي ستيل" قبل أن يدخل الحياة السياسية في عام 1982 كمساعد لوالده شينتارو آبي الذي كان وزيرا للخارجية، وبعد وفاة والده، خاض آبي الانتخابات البرلمانية وجرى انتخابه عضوا في البرلمان عام 1993. وتعتمد السياسات الاقتصادية لآبي على "السهام الثلاثة" للحفز المالي والتيسير النقدي والإصلاحات الهيكلية، لكن رئيس الوزراء لم يشرع بعد في الإصلاحات الهيكلية. وشهد المصدرون اليابانيون ارتفاعا في أرباحهم بفضل ضعف الين الياباني وارتفاع قيمة الأسهم بنسبة 70 في المائة منذ انتخاب آبي آخر مرة، ولكن لم يحدث تأثير ملحوظ على مستوى معيشة المواطنين. وسجلت اليابان عجزا تجاريا بقيمة 891.9 مليار ين (7.6 مليار دولار) في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لتتواصل بذلك الخسائر التجارية في ثالث أكبر اقتصاد عالمي للشهر الـ 29 على التوالي. وتراجعت قيمة الواردات الإجمالية بنسبة 1.7 في المائة إلى 7.8 تريليون ين، ومع ذلك فإن قيمة واردات الغاز الطبيعي المسال زادت بنسبة 12.2 في المائة. وتعتمد اليابان بشكل أكبر على الوقود الأحفوري المستورد لتوليد الطاقة منذ أسوأ كارثة نووية شهدتها البلاد في محطة فوكوشيما دايتشي النووية عقب زلزال تسونامي 2011. وارتفعت الصادرات بنسبة 4.9 في المائة إلى 6.19 تريليون ين في زيادة للشهر الثالث على التوالي مع ارتفاع شحنات معدات أشباه الموصلات إلى 14.7 في المائة. وقفزت الواردات القادمة من الصين، أكبر شريك تجاري لليابان، بنسبة 3.9 في المائة إلى 1.75 تريليون ين، بينما ارتفعت الصادرات إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 0.9 في المائة ليصل العجز التجاري في البلاد إلى 597 مليار ين، وهو العجز الذي تشهده البلاد للشهر الـ 33 على التوالي. وكان اقتصاد اليابان قد انزلق بشكل مفاجئ إلى دائرة الركود خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي حتى 30 أيلول (سبتمبر) الماضي ليدخل الاقتصاد دائرة الركود للمرة الثالثة خلال أربع سنوات مع انكماش الإنفاق الاستهلاكي المحلي نتيجة رفع ضريبة المبيعات من 5 إلى 8 في المائة في نيسان (أبريل) الماضي. من جهة أخرى، أظهرت بيانات تراجع ثقة الشركات اليابانية بحالة الاقتصاد بنسبة طفيفة مع دخول الاقتصاد دائرة الركود في الربع الثاني من العام المالي الحالي، فقد هبط مؤشر الثقة بالاقتصاد بمقدار نقطة واحدة إلى موجب 12 نقطة. وفي الوقت نفسه تراجع مؤشر توقعات الشركات الصناعية الكبرى للربع المقبل من العام إلى سالب 9، في حين ارتفع مؤشر ثقة الشركات غير الصناعية الكبرى من موجب 13 إلى موجب 16. ويواجه آبي أيضاً معارضة شعبية كبيرة للطاقة النووية في أعقاب كارثة "فوكوشيما" في عام 2011، ويريد رئيس الوزراء استعادة الطاقة النووية، ومن المتوقع أن تعيد شركة الطاقة اليابانية تشغيل اثنين من المفاعلات النووية بالقرب من بركان نشط في جنوب اليابان خلال الأشهر المقبلة. وستصبح الخطوة الأولى بين 48 وحدة في البلاد سيعاد تشغيلها منذ تعديل القوانين في أعقاب انصهار ثلاثي في محطة "فوكوشيما دايتشي" النووية في عام 2011.