×
محافظة حائل

الحزن يخيم على فيضة أثقب برحيل «سعد»

صورة الخبر

لا نعطي أهمية العيون في حياتنا التفكير والتأمل الكافيين. بين الحواس الخمس التقليدية: البصر، والسمع، والشم، والتذوق، واللمس، تهيمن حاسة البصر على جهازنا العصبي هيمنة كبرى. والدليل على ذلك هو أن الخلايا العصبية المكرسة للبصر بداخلنا هي الأكثر عددا. وهناك بعض الأبعاد الطريفة الأخرى لموضوع العيون وهي لغتها، وبالذات في ما يتعلق في موضوع «الفرصعة». لاحظ أنها تعلن نوايا هجومية بدون صراخ، أو رفع أيد، أو سلاح، أو غيرها من الدلالات التقليدية للقتال. مجرد بروز المزيد من مساحة العينين كاف لإعلان النوايا الهجومية. ومن أجمل أبعاد طرائفها هي استخدامها بطرق مختلفة خارج عالم البشر. لدينا في الحي الذي أسكن فيه «عرّي» يسكن بطريقة غير نظامية ويهدد أمن الهرر، بل ومعظم المخلوقات الأخرى التي يقل وزنها الإجمالي عن حوالى خمسة كيلوجرامات. وإحدى علاماته المميزة هي «فرصعته» العجيبة التي يرهب بها المخلوقات الصغيرة. ولكن الموضوع لا يقتصر على الهرر فحسب، فهناك حشرات تستخدم التمويه الذي أنعم الله عليها به لتدافع عن أنفسها من خلال الإيحاء بالفرصعة. وكأمثلة نجد بعض أنواع الفراشات ومنها فراشة «المونارك» الجميلة البرتقالية اللون. هذه الحشرة الوديعة التي تشتهر بقدراتها الإعجازية في الملاحة والهجرة لمسافات طويلة جدا تحتوي على رسمات دوائر على أجنحتها. وهي تبدو وكأنها عيون كبيرة نسبة إلى حجم الفراشة، وكأنها «تفرصع» في أعدائها لتنذرهم بأنها مصدر «أذى» لمن يتعدى عليها. وسبحان المدبر العظيم. وخلال الأسبوع الماضي تجلت هناك «فرصعة» من نوع آخر فقد تم تدشين طائرة جديدة لقواتنا الجوية وهي من طراز E2000. وهي تستحق وقفة إعجاب لأنها إضافة رائعة لقدرات سلاح الوطن على الردع لكل من يتهور ويهدد أمننا. وفلسفة عمل هذه الطائرة جميلة جدا: هي أساسا للمراقبة والتحكم لأي مخاطر على الأرض، أو الجو، أو البحر، وأما جمالها الحقيقي فهو في التفاصيل. الطائرة سويدية الصنع من تصميم وتصنيع شركة «صعب» Saab وهي من الشركات العريقة في صناعة الطائرات، فتعود بعض من طرازاتها إلى أيام الحرب العالمية الثانية في الثلاثينيات الميلادية من القرن الماضي. وخلال العقود الماضية تخصصت الشركة في إنتاج الطائرات المقاتلة المتقدمة، وتخصصت أيضا في صناعة طائرات النقل التجارية ذات الحمولات المتوسطة التي تصل إلى ستين راكبا للمسافات القصيرة. وتميزت تلك الطائرات بالسلامة، والراحة، والاقتصاد، وخصوصا أنها زودت بمحركات مروحية «طوربينية». والمقصود هنا هي محركات نفاثة تدور مراوح كبيرة في مقدمتها. وطوعت شركة «صعب» طائرتها من طراز 340 التجارية الناجحة للاستخدام العسكري الاستطلاعي فجعلتها كالعيون اليقظة. وطول الطائرة يعادل طول حوالى ست سيارات «كامري». وطاقمها يتكون من خمسة متخصصين في أعمال المراقبة فائقة الدقة بالإضافة إلى قائد الطائرة ومساعده، ورجالات الدعم. وأهم ما يميز شكل الطائرة هو ما يشبه «التبسي» الطويل المثبت فوق جسمها. وهذا «التبسي» هو أحد أسرار قوة هذه الطائرة، فهي عبارة عن منصة مراقبة وتحكم متقدمة جدا. وتستطيع هذه المنصة أن تغطي مساحات شاسعة جدا على الأرض والجو والبحر لفترات زمنية طويلة جدا تصل إلى ما يفوق تسع ساعات متواصلة. وبالإضافة للمساحات الأفقية التي تغطي مساحة الوطن الشاسعة بأكملها، فهي تغطي الفراغات الرأسية بارتفاعات تصل إلى حوالى ستين ألف قدم. وهي طائرة مجربة بنجاح في مجموعة من أسلحة طيران تشمل المكسيك، والبرازيل، والباكستان، واليونان، والإمارات العربية المتحدة الشقيقة. أمنيــــة أعجز عن تقديم الشكر الكافي لجميع من يسهرون على أمن الوطن بفاعلية وحرص وهدوء، ليس للتخويف أو الترهيب، وإنما للدفاع الفاعل. وأتمنى أن ندرك أن قواتنا العسكرية تستكمل مسيرتها باستخدام أحدث التقنيات الكافية لضرب كل من يفكر في تهديد سلامة الوطن والمواطن. والله المستعان، وهو من وراء القصد.