ظهر على السطح خلال الأيام الماضية ملف جديد، يتمثل في أبناء السعوديين المقتولين تحت ألوية تنظيمات إرهابية في مناطق الصراع، وبخاصة في العراق وسورية، ويعيشون مع أمهاتهم الأجنبيات، اللاتي حاول بعضهن التواصل مع أسر أزواجهن للتكفّل بأبناء أولادهم. فيما تسعى الجهات الرسمية السعودية إلى إعادة الأطفال إلى ذويهم في حال ثبت فعلاً أنهم أبناءٌ لمواطنين سعوديين، وحفظ حقوقهم الإنسانية. ونشر تنظيم «داعش» الإرهابي أخيراً، إعلانات عبر حسابات متعاطفين مع فكره المتطرف، تطالب بالمساعدة في البحث عن أهالي شبّان سعوديين قضوا بعد تفجير أنفسهم في سورية والعراق أو عمليات قتالية أخرى، من أجل إبلاغهم بأن زوجات أبنائهم أنجبن أطفالاً، وعليهم الحضور لاستلامهم، وهو ما رجح مهتمّون أن تكون «مصيدة»، لاستقطاب منتمين جُدد للتنظيم. وذكر صاحب حساب «السلطان سنجر» عبر معرفه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن هناك امرأة تبحث عن أسرة شابّ سعودي، انتقل إلى العراق في 2006، وقتل في إحدى العمليات الانتحارية، وأنجبت منه طفلاًَ، موضحاً أنها ترغب في إبلاغ ذويه بالأمر، لافتاً إلى أنها لا تعرف معلومات عنه، سوى أنه كان يعمل في مجال التعليم، وكذلك اسمه الثنائي، وتحتفظ بصورة شخصيّة قديمة له. وأجج ذلك تضارب الآراء بين «الدواعش»، بين متفق يرغب في إيجاد وسيلة تبلغ ذوي السعوديين المشاركين في تنظيماتهم عن الأبناء المولودين، وبين معارض لا يرغب في تشتيت نسب التنظيم، وذلك بالزواج قبل تنفيذ أية عملية انتحارية، إضافة إلى عدم إبلاغ منفذي العمليات ذويهم، أو حتى بانضمامهم إلى التنظيم من الأساس. بدوره، قال المتحدث باسم هيئة حقوق الإنسان الدكتور إبراهيم الشدي لـ «الحياة»: «إن الشبّان السعوديين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية قلّة»، على رغم عدم امتلاكه إحصاءات أو أرقام في هذا الصدد. ولفت إلى أنه «لا يمكن اعتبار من هم دون الـ18 أطفالاً». وأشار إلى أن وزارة الداخلية تعاملت مع السعوديين الشبّان منهم، والأطفال بـ «نشاط كبير»، وكذلك هيئة الهلال الأحمر السعودي في ما يخصّ عائلات المسجونين، لافتاً إلى امتلاكهم «المعلومات الدقيقة» بهذا الشأن، عازياً السبب إلى «عدم اتصالنا المباشر بهذه الحالات». وأكد الشدي أن «هيئة حقوق الإنسان متواصلة مع وزارة الداخلية في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان لكل الفئات». وأوضح أن الهيئة في تنظيمها تعتبر «جهة رقابية على أداء جميع الجهات، فيما يخص ضمان الحقوق». وذكر أن هناك «جهات معنيّة تتعامل بشكل مباشر مع هذه القضايا». بدورها، أكدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن هناك حالات أُثبتت صحّتها، ولم يتضح أن من ورائها تلاعباً أو محاولة لاتهام السعوديين، وذلك من خلال إنجاب أطفال لآباء سعوديين من أمهات أجنبيات مشاركات في تنظيمات إرهابية، إذ قامت المملكة بالسعي في استعادة هؤلاء الأطفال، عازية السبب إلى أن «الجانب الإنساني يغلب الجانب النظامي». وقال المستشار القانوني الأمين العام للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في تصريحٍ إلى «الحياة»: «إن ذهاب الشبّان السعوديين إلى مناطق النزاعات والمشاركة في التنظيمات الإرهابية جانب، وإنجابهم أطفالاً من نساء أجنبيات مشاركات في التنظيمات الإرهابية جانب آخر». وأوضح أنه «لا يجب علينا الخلط بين الجانبين»، لافتاً إلى أن ذلك «لا يمكن التنبؤ به ومستقبله من دون التأكد من مجرد السماع به، أو التحقق من صدقيته، أو من وجود إثباتات». وأكد الفاخري أن هناك «حالات أثبتت وقامت المملكة بالسعي لاستعادة الأطفال»، لافتاً إلى أن «الجانب الإنساني يغلب على الجانب النظامي في مثل هذه الأمور». ولفت إلى أن الأمر «يعتبر سيناريو لوحده»، مشيراً إلى أنه في هذا السيناريو «حقوق الطفل الذي والده سعودي، تزوج أجنبية وفجّر نفسه، مكفولة». ولفت الأمين العام للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن «النساء اللاتي يقوم الشبّان السعوديون المشاركون في التنظيمات الإرهابية بالزواج منهن إرهابيات أيضاً»، موضحاً أنه «لا يوجد معيار لما يتم الادعاء به في بعض الحالات من عدمه، وما إذا كان الأطفال هؤلاء يعودون لشبّان سعوديين أم غيرهم». وطالب الأمهات اللاتي يطالبن أهالي السعوديين بالتواصل معهن «أن يتجهن لتصحيح أوضاعهنّ على أقل تقدير». وأشار الفاخري إلى أن الطريق السليم في هذا الجانب يكون «من طريق الجهات المختصّة، أو الحكومة في البلد الذي توجد فيه النساء اللاتي أنجبن أطفالاً من شبان سعوديين»، موضحاً أن «المملكة تطبق مبادئ حقوق الإنسان دائماً، وتحديداً حقوق الطفل، إذ خصصت جهات معيّنة للتواصل مع الأسر السعودية المنقطعة والمتعثرة فـي الخارج». وأوضح أن «بعض المنتمين إلى الجماعات الإرهابية يمررون مطالبات تحت شعارات حقوقية»، لافتاً إلى أنها «تجاوزت حقوقية إنسانيّة بتعدّيها على الغير»، مطالباً بإثبات أن الأطفال من آباء سعوديين، أو يعتبر ذلك مجرد انتساب باطل». «حقوق الإنسان»: الأهل مسؤولون عن توجهات أبنائهم < حمّلت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أسر الشبّان الذين يذهبون إلى مناطق الصراعات ويشاركون في التنظيمات الإرهابية مسؤولية ما يفعله أبناؤهم. ولفتت إلى إمكان الحيلولة دون وقوع ذلك من خلال مراقبة الأبناء ومتابعة توجهاتهم، ومن يصاحبون، عازية السبب إلى أن ذلك من أجل حماية أبنائهم والمجتمع. واعتبرت الجمعية اقتراب الأهالي من أبنائهم «ضرورياً»، وذلك من أجل «تعديل أفكارهم، ومعرفة من يخالطون، إذ يتم من خلال ذلك ردعهم من الذهاب إلى مناطق النزاع، كي لا يستغلون ويؤدون أدواراً سلبية من دون معرفة مقاصدها». «الخارجية»: لم نتسلم ملفّ أطفال السعوديين في الخارج < استبعدت وزارة الخارجية السعودية التعامل المسبق مع أبناء السعوديين الموجودين في مناطق النزاعات والمشاركين في التنظيمات الإرهابية، عازية السبب إلى أنها «لم تتسلّم هذا الملف بعد»، لافتة إلى أنها ستقوم بالتواصل مع السفارات في المناطق المعنيّة بهذا الشأن، «للاطلاع على ما إذا وردهم أية معلومات مثيلة». وقال رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية السفير أسامة نقلي لـ «الحياة»: «إن السؤال حول أوضاع الأطفال من آباء سعوديين موجودين في مناطق النزاع ومشاركين في تنظيمات إرهابية كبير، ولا يمكن الإجابة عليه في الوقت الحالي». ولفت إلى ضرورة «الرجوع إلى السفارات والإدارات في الوزارة». وأشار إلى أنه لا يمكن تحديد ما إذا كان هناك تحرّكٌ من الوزارة أو نيّة مستقبلية تقتضي استعادة هؤلاء الأطفال، حماية لهم وحفظاً لحقوقهم. وقال: «الملف هذا بالكامل ليس موجوداً عندي».