على رغم اعتماد وزارة التعليم العالي 10 جامعات و19 كلية أهلية في عدد من مناطق المملكة لإتاحة الفرصة للطالب السعودي لاستكمال دراسته الجامعية إلكترونياً أو كما بات يعرف «عن بعد»، مع تكفلها بمصاريف الدراسة للطالب، إلا أن الآلاف من الطلاب والطالبات وصفوا حالهم كحال «المستجير من الرمضاء بالنار» بسبب الشروط التعسفية، ومصاريف إضافية تفرضها هذه الجامعات والكليات، وسط انعدام الرقابة. ورصدت «الحياة» عدداً من طلاب وطالبات برنامج المنح الداخلية للسعوديين المُقرّ من وزارة التعليم العالي، وسط مطالبات منهم بمساواتهم بطلاب الجامعات الحكومية أو مبتعثي برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي من حيث الحصول على مكافآت شهرية. وبرزت العديد من المطالبات، أبرزها حث وزارة التعليم العالي على رقابة الرسوم الدراسية التي تفرضها الجامعات، إذ ذكر عدد من الطلاب في جامعة (تحتفظ «الحياة» باسمها) أنهم يدفعون ما يزيد على 10 آلاف ريال في الفصل الدراسي الواحد لتسجيل الحد الأدنى من الساعات المقررة، وسط صمت مطبق من الوزارة. فيما أبدت طالبات من تخصصي الطب وطب الأسنان في كليات متخصصة تمنح درجتي البكالوريوس والماجستير في هذا المجال (تحتفظ «الحياة» بأسمائهن) تذمرهن من مطالبات إدارة الكلية وأعضاء هيئة التدريس فيها بالبحث عن الحالات المرضية حتى لو اضطررن للنزول إلى الشارع، والذهاب إلى الأسواق لاستجداء المرضى من أجل الحضور للكلية لتلقي العلاج، ما دعاهم إلى طباعة كروت تبرز فيها جملة (علاج مجاني). وتفيد إحدى الطالبات بأنها تضطر إلى النزول للشارع وإيقاف سائقي سيارات الأجرة، وإغرائهم بالمقابل المادي في سبيل تقديم العلاج لهم، مع تكفلهن بمصاريف فتح الملف وقيمة الكشف بل وصلت الحال إلى الدخول إلى المباني التي تحت التأسيس واستجداء العمالة للسبب ذاته، مشيرة إلى أن ذلك يحدث من دون علم أسرهن. بينما توضح زميلة لها أنها تقوم باصطحاب والدتها إلى الأسواق الشعبية في العاصمة الرياض، وتقوم بتوزيع بطاقات شخصية تحوي رقم هاتفها للتواصل، وتفيد بأنها تتعرض بشكل مستمر للسخرية من مرتادي هذه الأسواق، إذ تثير استغرابهم. ويردد الطلاب والطالبات في تجمعاتهم «من أمن العقوبة أساء الأدب»، معللين ذلك بما يجدونه من فوقيه في التعامل من مسؤولي الجامعات الأهلية في السعودية، ومن تجاوزات للأنظمة - على حد وصفهم - قد تصل إلى حدود التهديد والوعيد بالحرمان من استمرار دعم الدولة لهم من خلال إخفاقهم، وبالتالي انخفاض معدلاتهم تحت الحد الأدنى، ما يبعث في قلوبهم الرعب ويجبرهم على الصمت. وتعددت الملاحظات لدى طلاب وطالبات المنح الداخلية، ويقارن أحد الطلاب في تخصص القانون (تحتفظ «الحياة» باسمه)، والذي مرّ بتجربة ابتعاث خارجي لمدة عام واحد، قبل أن يوقفها ويعود للدراسة في جامعة دار العلوم في الرياض عبر برنامج المنح الداخلية قائلاً: «إن البون بين التجربتين شاسع، إذ إن الابتعاث الخارجي تقوم فيه الوزارة بتغطية جميع مصاريف الدراسة، بينما تختلف الحال في المنح الداخلية»، مضيفاً أنه يضطر لدفع ما لا يقل عن ثمانية آلاف ريال لكل فصل دراسي من أجل أن يتمكن من تسجيل 18 ساعة دراسية. ويفيد بأن الوزارة تحدد مبلغاً مقطوعاً للدراسة، بينما يقوم عدد من الكليات بحساب المواد وفق الرسوم المالية للساعة الدراسية الواحدة، ما يضطرهم إلى الاكتفاء بتسجيل الحد الأدنى 12 ساعة دراسية (الذي تشترطه الوزارة)، بحسب موقعها الإلكتروني للتجديد للطلبة الحاصلين على منح دراسية وحصلوا على معدل جيد وما فوق، يتم خلالها تحديث بيانات الطلبة والرفع بالسجلات الأكاديمية لآخر سنة دراسية بما لا يقل عن 12 ساعة للفصل الدراسي. ويتفق عدد من طلاب وطالبات الكليات الصحية على المصاريف العالية لشراء الكتب المتخصصة، والتي يحصل عليها زملاء لهم في الجامعات الحكومية بأسعار مخفضة، مشيرين إلى أن عدداً من الكليات تضيف عليهم أيضاً مبالغ إضافية لشراء كتيبات توفرها الكلية بهدف التقويم والمتابعة بأسعار تصل إلى 100 ريال لكل فصل دراسي، عدا عن قيام عدد من الكليات بتحصيل رسوم دراسية أو تأمين مالي في مقابل استخدام الأدوات الموجودة في مختبرات ومعامل الكلية، مفيدين بأن هذا الإجراء غير موجود في الجامعات والكليات الحكومية. وحاولت «الحياة» التواصل مع المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي الدكتور محمد الحيزان، بيد أنها لم تتلق أي تجاوب منه.