خلال العقود الماضية صرفنا مئات الملايين على مدربين عالميين يتربع أغلبهم على قمة أفضل مدربي العالم من أجل منتخبنا الوطني لكرة القدم، ولم نحقق ما نطمح إليه ولم نسبق الدول المقاربة لنا في الإمكانات بل سبقتنا كثير من الدول الأقل إمكانات منا. والسؤال هو، كيف يمكن لمدرب عالمي أن يعدل في أيام أو أسابيع ما تلقاه اللاعب السعودي طوال عشرين عاما أو أكثر في البيت والمدرسة والبيئة المحيطة به؟. وهل تلقى اللاعب خلال سنواته الأولى التعليم والتدريب السليم وهل نما فكريا وبدنيا بما يكفي ليستوعب ما يتلقى من خطط وتعليمات ويطبقها التطبيق السليم؟. لا نستطيع تحميل المدرب العالمي قصور اللاعب السعودي فيما سبق، بل ويبقى ذلك عقبة رئيسية أمام كل مدرب. ولنأخذ عبرة من دول كانت ذات مستويات متواضعة مثل الصين وكوريا واليابان، بل وينطبق ذلك إلى حد ما على دول جارة مثل الإمارات وغيرها، لنأخذ عبرة كيف تطورت مستويات تلك الدول في فترة قصيرة بعد أن أخذت بالأساليب المنطقية السليمة. وكيف لنا أن نلوم مدربا على عدم قدرة اللاعب على تطبيق خطة معينة بدرجة عالية من الاحترافية خلال المباراة، وإن طبقها لدقائق معدودة تجده بعد ذلك هو في واد والخطة في واد آخر. وكيف لنا أن نلوم مدربا يطلب من اللاعبين اللعب الجماعي واللمسة الواحدة في الوقت الذي طغى عليهم اللعب الفردي منذ الصغر ومن الصعب التخلي عنه تماما بعد تلك السنوات من التعود. وكيف لنا أن نطلب من مدرب المنتخب أن يجعل إمكانات اللاعبين والقوة البدنية متميزة بعد إهمال غيره لذلك على مدى أكثر من عشرين عاما. وكيف لنا أن نتوقع من مدرب المنتحب خلال فترة وجيزة أن يتقن اللاعبون كيفية التحرك والكرة مع فريقه والتحرك والكرة مع الخصم وكيفية سد الثغرات التي يستطيع الخصم التسجيل منها. وهناك الكثير من التفاصيل التي لا يسمح المقال لذكرها. مما سبق يتضح أن هناك عقبات أمام أي مدرب للمنتحب ولا يمكنه تجاوزها خلال أسابيع أو معسكر وعلينا أن نزيل هذه العقبات قبل وصول اللاعبين له. وأنا بهذا لا أدافع عن مدربي المنتخب ولا أبرئهم من أخطائهم وسلبياتهم، وإنما أتحدث على وجه العموم، فقد حضر قبل ذلك أفضل مدربي العالم وفشلوا معنا ثم عادوا إلى منتخبات أخرى وحققوا نجاحات كبيرة مما يؤكد ما أرمي إليه. وتبقى مهمة تطوير المنتخب السعودي مهمة وطنية تساهم فيها قطاعات كثيرة منها التعليم والصحة ورعاية الشباب وغيرهم. وعلينا أن نعطي تعليم وتدريب وصحة الصغار ما يستحق من اهتمام ورعاية وأن ننمي فيهم القدرة على التفكير السليم والانضباط والعمل الجماعي في فريق واحد، والذي نفتقر إليه في الأندية وبالتالي في المنتخب. ولا أقصد أن لاعبينا لا يجيدون كل ما ذكرت، بل منهم من يتفوق على بعض اللاعبين العالميين في الذكاء وحسن التصرف والتحرك، لكن النسبة تختلف، فهي لدينا أقل من المنتخبات العالمية، لذلك تبقى كنقطة سلبية أمام الرقي بالكرة السعودية.