×
محافظة المنطقة الشرقية

أكد الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة.. و45% من الدجاج اللاحم.. وزير الزراعة: الأمن الوقائي لمشاريع الدواجن من أهم متطلبات الاستمرار في النجاح

صورة الخبر

لم يكن الرقم مفاجئا لنا عندما أعلنت هيئة الرقابة والتحقيق عن تسيب 78 ألف موظف من التربية، والصحة، والقروية، والعدل. حيث أشارت تقارير جولاتهم الرقابية البالغة 33 ألفا على الوزارات السابقة، إلى رصد حالات تغيب وتأخر عن العمل. والخبر لم يكن مفاجئا لكثير من المتلقين، خاصة المنتمين للقطاع الحكومي؛ كونهم يعرفون طبيعة العمل في هذا القطاع، وكيف أنها تشجع بطريقة غير مباشرة على التسيب وعدم الانضباط. وأنا أجزم بأن وزارات أخرى غير الواردة في الخبر، تعاني ذات الاشكالية، والمشكلة الفعلية لا تنحصر في قضية غياب وتأخر الموظفين الذي قامت الهيئة برصده في تلك الوزارات، إنما في الحاضرين الذين لا يشكل وجودهم فارقا عن غيابهم أو تأخرهم، وهو التسيب الذي لا يمكن لهيئة الرقابة والتحقيق أن ترصده. المشكلة أن أكثر القطاعات الحكومية تركز على قضية حضور وانصراف الموظف فقط، إنما إنتاجيته في عدد الأيام والساعات التي يقضيها في مكان عمله، فلا تتم متابعتها والحرص عليها، وكأن الموظف الحكومي بهذا الوضع يتلقى أجرا مقابل حبسه في بيئة عمله ساعات معلومات فقط.! كثير من الوظائف في بعض القطاعات لا تتطلب عددا من الساعات الطويلة ليقضيها الموظف في مكان عمله أو فوق كرسيه، إنما تحتاج لإنجازها إلى تركيز ذهني في عدد محدود من الساعات، والقيادي الناجح هو من يحرص على متابعة الإنتاجية في أداء موظفيه ويجعل لديهم الدافع الذاتي لفعلها ليس بالرقابة إنما بالتحفيز، فلا مانع على سبيل المثال من السماح للموظف بانصرافه باكرا من عمله بعد أدائه مهامه كاملة أو مكافأته بيوم إجازة في وسط الأسبوع بعد عمل شاق تم إنجازه مسبقا وغيرها من أدوات التحفيز الأخرى، والمسؤول الذكي هو من يوجد عوامل الثواب، حتى لو كانت إجراءات الثواب في التنظيم بيروقراطيا فقيرة، ما يحصل الآن في كثير من الدوائر الحكومية، أن الموظفين أو الموظفات يجتمعون ليثرثرون، ويتذمرون، ويأكلون، ثم ينصرفون بإنتاجيه شبه معدومة، ولأنه لا توجد أدوات رقابية منظمة على إنتاجيتهم لا يتم التفريق في هذه الجماعة بين الموظف المنتج وغير المنتج، وحتى لو وجدت لا تتم محاسبة المقصر ومكافأة المنتج، لذلك درج وصف الشخص النشيط في هذه البيئة بالساذج؛ كونه يحمل نفسه عبء الكسالى.. أما المدراء فأكثرهم يعاني "هوس السلطة" ويمارس الهيمنة على أتفه التفاصيل ويحرص على مصلحته الشخصية فقط، لذلك نجده يحرص على كل ما يتعلق بالحفاظ على منصبه دون سواه من مصالح أخرى. لن تفلح أدوات الرقابة سواء من هيئة الرقابة والتحقيق أو من داخل التنظيمات نفسها على تنظيم العمل الحكومي، إذا لم تكن مدعمة باستراتيجيات تنظيمية تكفل الرقابة والتحفيز على الإنتاجية وليس الحضور والانصراف فقط ووضعه معيارا لتقييم سير العمل، خاصة ان كثيرا من الموظفين الحكوميين مستندون في تسيبهم بشكل عام على الضمانات التي تقدمها الوظيفة الحكومية، وتحديدا فيما يتعلق بالفصل من الوظيفة أو الاستغناء عن خدمات الموظف، كما يحصل بطريقة منظمة في القطاع الخاص.. في بعض دول العالم المتقدم يسير العمل بدقة كخطوات الساعة، ليس بسبب أدواتهم الرقابية أو التحفيزية، إنما بالقيم المعتقة داخلهم، ولنا في اليابان خير مثال، فهل نحن نقفز بطموحاتنا بعيدا عندما ننشد قيما مماثلة.