×
محافظة المنطقة الشرقية

لا عذر للمثقف الشيعي !

صورة الخبر

بحكم مهنتي وعروبتي أقول: أنا واحد من الذين خاطبهم بيان الديوان الملكي السعودي النبيل، بكل مضمونه الجميل، داعيًا إيّاهم للاستجابة لخطوة المصالحة؛ لتحقيق المصالح "العُليا" لأمتينا العربية والإسلامية. وأنا واحد من أولئك الذين يرصدون، ويمعنون في تأمّل شمس الوطن، التي تمعن بدورها في الأفول، وأوراق الوحدة العربية التي ذبلت وأمعنت في الذبول. يقول البيان إنه يأمل من جميع الشرفاء من الأشقاء من علماء، ومفكرين، وكتّاب، ورجال إعلام -بكل أشكاله- إلى الاستجابة لهذه الخطوة ومباركتها، فهم العون لسدّ أي ثغرة يحاول أعداء الأمة العربية والإسلامية استغلالها لتحقيق مآربهم.. وهأنذا أستجيب، وألبي، وأجيب، فقد مضى زمن النحيب! لقد كنت -وكان غيري- بين أمرين: الاختفاء أو الاختباء في الشعاع الذي ينكسر، والغرق في الدموع التي تنهمر فوق خد الوطن.. أو البوح والإعلان في العلن، والسعي لرسم خارطة للزمان.. يكون فيها الوطن أجمل الأوطان. ومن جديد أقول: أبدًا لن يكون لي، ولكل المخلصين من أبناء الأمة وطن غير هذا الوطن.. أبدًا لن نصمت، ولن نكفَّ مهما عشش الغربان.. والبوم سكن. إذا خُيِّرتُ -وقد خُيِّرتُ بالفعل، واخترت الوطن- لأعلن في النور وفي العلن: كفانا ما يعتري زماننا من عفن.. كفانا ونحن نراقب من بعيد، ومن قريب جحافل البلايا والمحن. هذا بيان من تلك التي لا تحتاج إلى بيان.. هذا بيان للناس وللإعلام يسقط ميتة من كلماته كل البوم والغربان. هذا بيان أمامه يذوي ويموت كل من أرادوا للوطن الأفول والبهوت.. هذا بيان يسعى لوحدة الصف؛ حتى نعيد للوطن كرامة أهدرت من زمن.. ولأنه كذلك فلن نصمت بعد اليوم.. سنتكلم ونحكي ونروج.. نتحمّل ونتجمّل، بل نتألّم حتى لا يتعرّى جسد الوطن. سأضع حزني وهمّي الخاص والعام أيضًا في جنبي، وأواصل مع المتحفزين لطي صفحة القهر، قهر الوطن، وإعلاء راية الفجر.. فجر الوطن. كل خلاف يهون مهما كان حجمه، وكل جرح يهون مهما كان ألمه وإيلامه.. كل نفس تهون من أجل أن يسود الوطن.. فكلنا إلى بدد مهما تواصل العمر والعد. بقي أن ألفت النظر إلى العلاقة الوثيقة والوطيدة بين المصالحة والصلح والإصلاح.. بل والمصالح العُليا للوطن. بحثت في اللغة العربية التي انتعشت بالمبادرة فوجدت "أصلح" من يصلح إصلاحًا فهو مصلح.. وأصلح بينهما، أو ذات بينهما أزال ما بينهما من عداوة وشقاق.. وأصلح الآلة عالجها وأزال فسادها. ووجدت صَلَح بفتح اللام والحاء.. يصلح صلاحًا وصلاحيةً وصلوحًا، فهو صالح.. ملك صالح.. وصلُح بضم اللام يصلح صلاحًا وصلاحيةً وصلوحًا، فهو صليح.. وصلَّح بتشديد اللام يصلِّح تصليحًا، فهو مصلح.. وصالح يصالح مصالحةً وصلاحًا، فهو مصالِح، والمفعول مصالَح.. وصالح شقيقه بعد خصام سالمه، صافاه.. وصالحه على الشيء وافقه.. صار معه على اتفاق. ومصالحة.. مسالمة.. مصافاة.. وإزالة لكل أسباب الخصام.. والمصالحة مصدر صالح. المثير أنني وجدت "مصلحة" اسم جمعه مصلحات، أو مصالح. والمصلحة المنفعة، وما فيه صلاح شيء أو حال. بقي أن أشير أو أحذّر -إن جاز لي التحذير- من أنه لا يمكن، بل لن نتمكن من حماية الوطن وبأيدينا وبأقلامنا مكر أو زيف وبأرجلنا ثقل! لنفتح دفتر المصالحة كاملاً.. لنلم الصفوف، ونجمع الشمل في كل بيت، وشارع، وميدان، ومدينة، وعاصمة؛ حتى يفيق ويصعد الوطن! sherif.kandil@al-madina.com