×
محافظة المنطقة الشرقية

"إرشاد بني مالك" تدشن حملة توعوية عن تعظيم حرمة الدماء المعصومة

صورة الخبر

يتقابلان.. متجر الذهب الأنيق الفخم الذي يخطف بريق محتواه الأبصار ويربك الحواس، صاحبه أنيق المظهر، يمتلك أدوات حديثة: حاسبة.. ميزانا.. كرسيا مريحا.. عبارات منتقاة يجذب بها زبائنه. في المقابل كهل رث الثياب يفترش قطعة كرتون، ويبسط أمامه ثروته فوق كيس شعير مهترئ! مساويك أراك ومقصا. لا يملك من عبارات ترويجية سوى أغان وأهازيج يحتال بها على قسوة الزمن، ويستعين بها كوقود ليومه الشتوي البارد الممل. يستند إلى جدار يشبه الليل الطويل، أملس خال من تعابير الترف ومبهجات الحياة التي اخترقت المحل المقابل له. يبدأ بقص عود اﻷراك وتجزئته ليصبح عدة مساويك. يربطها كل مجموعة على حدة، ويقدر سعرها. لا يخضع لقانون، بل يسعر سلعته ولا يخشى من انقطاع رزقه. اقتصر على نبت الأرض يبحث عنه ليسد به رمق الفاقة. لا يعرف شيئا عن هيئة المواصفات والمقاييس. لا يهتم ﻻنخفاض سعر النفط ولا ارتفاعه، ولا يكترث إن كان المؤشر أحمر اللون في سوق الأسهم أم كان من الرابحين. يبقى هكذا يوميا لا يفصله عن عمله السبت. لا يأبه لو توقفت فيه منظمات التجارة العالمية عن العمل، فلا شيء لديه يخسره سواء عمل به أو توقف. وقت توقفه عن العمل يتبادل النظرات مع العابرين. يراهم يبالغون في التكلف من أجل ملذات الحياة وترفها. يرى الأيدي تمر أمامه محملة بسلع لا يرى لها حاجة سوى البذخ والتبذير. يواصل العمل حتى يرى الليل، وقد لفع جسمه ببدايات الصقيع؟ يحمل كيسه مغادرا المكان، لا يخاف من لصوص يقتحمونه؟ ولا من نسيان خزينته مفتوحة. يمضي بقية ليله البسيط مع عائلته وإخوته، ومن جاد به الوقت من الأقارب يتسامرون جميعهم بكل نقاء وطهرانية. لا ريبة من رصد المتربصين له من القاعدين على رصيف "تويتر" والقابعين خلف عدسات الكاميرات. ما علم أن العالم اشتعل من أجل امرأة خرجت مع زوجها كاشفة الوجه، في الوقت الذي يرى زوجته وأخريات يتوسطن السوق الشعبي يعددن الخبز أمام الجميع، معروفات الوجوه غير متخفيات بقطعة قماش كانت قضية القضايا في زمن القضايا الكبرى، يبعن على المتسوقين والمتجولين. يسير على بركات الله والعون والتوفيق يحفه، وبساطة العيش غيبته عن مصائب الترف المتتابعة يوميا، فلو كان أولئك المصنفون للبشر بين كافر وتابع ومسلم وتقي؛ لو كان يكدحون مثل بائع المسواك لم يجدوا الوقت للتصنيف، ولسلم المجتمع منهم ولم يتصدع ويتفكك. بيعوا المساويك تسلموا مرض التصنيفات وقضايا الزيف.