×
محافظة مكة المكرمة

تزويد الطلاب بمهارات تمنع 60% من حوادث الطرقات

صورة الخبر

حتى بداية أحداث ما يُسمى بالربيع العربي، لم يخطر في بال كثير من خبراء العلاقات الدولية طبيعة وجسامة التحولات والتغييرات التي ستتعرض لها العلاقات الإقليمية والدولية. ومع بداية الأحداث، فوجئت دول الخليج بتغيّر اللهجة من بعض القوى الإقليمية والدولية وحدّتها، وانتهج بعضها سياسات يُمكن وصفها بغير الصديقة والتحريضية، حيث وجدت هذه القوى في دعم بعض العناصر المحلية أداة مُتاحة للتدخل الصارخ في الشؤون الداخلية العربية وتحريك حشد جماهير مؤيدة، بعد أن اقتنعت أن في التحولات الجارية فرصة تاريخية لتنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" والعودة للمنطقة، وتقسيم العالم العربي وتفتيته لدويلات جديدة. وأصبح البعض يتحدث علنا على "أن الأزمة السياسية في العالم العربي منذ سايكس بيكو هي أزمة شرعية الأنظمة الحاكمة في المنطقة"، وفي لحظة تاريخية حرجة ظهر العالم العربي وكأنه بدون قيادة تاريخية، وأبرزت عدد من الصحف العالمية والإقليمية سيناريوهات تقسيم الغنائم العربية، وفق خرائط جديدة لعالم عربي مفتت. وكانت دول الخليج وعلى رأسها المملكة، تُراقب هذه التطورات الخطيرة بهدوء وقلق، ووصل الأمر إلى تهديد منظومة مجلس التعاون الخليجي، والتي كادت أن تتعرض للانشقاق؛ بسبب محاولات جذب بعض دولها للمشروع الجديد؛ للاستفادة من نفوذها السياسي والاقتصادي، بل والسعي لتحويلها كنافذة لمصالحها في الخليج والمنطقة وتحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية، مستغلة أحداث الأقليم المضطرب، حتى لو أدت هذه الأحداث لمقتل الملايين من الناس، وتدمير دول بأكملها. فالمهم هو ألا تمس هذه الأحداث دولهم ومصالحهم المباشرة. الموقف السعودي الواضح تجاه دعم التغيير السياسي في مصر في يوليو 2013م، كان بداية استعادة التوازن الإقليمي والعربي، وبدء وقف موجة انتشار الفوضى غير الخلاقة، خاصة وأن مصر تُعتبر قضية مركزية بالنسبة للخليج، ليس فقط بسبب محورية الدور المصري عربياً، وإنما باعتبارها أيضا مصدرًا للاستقرار أو للتهديدات المباشرة والرئيسية تجاه دول الخليج. كان واضحا أن المملكة اعتبرت أن استقرار مصر مسألة مصيرية، ليس فقط من باب توجيه رسائل سياسية للقوى الإقليمية بل وللدولية، ووضح أن الموقف السعودي نهائي وإستراتيجي وليس تكتيكيا، وأن المملكة لا تسعى للتدخل في الشأن المصري بقدر ما تسعى لإقامة علاقة شراكة إقليمية، تعتمد على المنفعة المتبادلة والعمل على تحقيق الاستقرار. كما مثلت التطورات الدراماتيكية بعد استيلاء قوات تنظيم الدولة "داعش" على الموصل في 10 يونيو تهديداً كبيراً، تجاوزت تداعياته العراق، لتُلامس أمن واستقرار دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، كما مثلت الأحداث في اليمن جرس إنذار لدول الخليج؛ لكي تحسم أي اختلافات في وجهات النظر. ونجحت الرياض بالتعاون مع الأشقاء في الخليج، في إعادة ترتيب البيت الخليجي؛ ليتم اتفاق الرياض التكميلي ولتعقد القمة الخليجية في الدوحة، ثم لتنتقل للبيت العربي. وكان حديث رئيس الديوان الملكي ومبعوث خادم الحرمين الشريفين لتنفيذ مبادرة الصلح المصرية - القطرية مفاجئاً ومبشراً لوسائل الإعلام؛ ليؤكد نجاح مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتحقيق المصالحة القطرية - المصرية، ومؤكداً أن هذه المبادرة بدأت بعد اتفاق الرياض التكميلي، وأن هناك لقاءات عدة ومتعددة مع قادة الدولتين، وأن هناك نتائج وخطوات عملية ستتضح في الأيام القادمة. الموقف القطري الجديد كان واضحاً، حيث رحبت الدوحة عبر بيان رسمي وصريح، بمبادرة خادم الحرمين الشريفين؛ لتوطيد العلاقات بينها وبين شقيقتها مصر، مثمنة الجهود المخلصة والمقدرة للملك عبدالله، وحرصه الشديد على تعميق التضامن العربي لما فيه خير ومصلحة الأمة العربية والإسلامية. كما أكدت الدوحة وقوفها التام إلى جانب جمهورية مصر العربية الشقيقة، معتبرة أن "أمن مصر من أمن قطر، التي تربطها بها أعمق الأواصر وأمتن الروابط الأخوية، وأن قوة مصر قوة للعرب كافة، وأن قطر التي تحرص على دور قيادي لمصر في العالمين العربي والإسلامي، تؤكد حرصها أيضاً على علاقات وثيقة معها والعمل على تنميتها وتطويرها لما فيه خير البلدين وشعبيهما الشقيقين" الرسالة السعودية من لقاء القاهرة للإقليم وللعالم، أن الخليج يعي ما يُحاك ضده وضد العالم العربي، والذي هو - رغم الجروح النازفة والأحداث الجسيمة - لا يزال بخير، وأن العرب لديهم القدرة القيادية الذاتية على تدبير أمورهم، وأن المأمول من جميع القوى الدولية والإقليمية أن تدعم السلم والاستقرار الإقليمي، وأن تتوقف عن محاولاتها التدخل والعبث بالاستقرار العربي والمصري تحت دعاوى مُزيفة تدس السم في العسل.