لا أعني بها تلك الكرة التي تلجأون إليها كلما ضاقت بكم الصيغ الحوارية عندما تقولون (والآن الكرة في ملعبك ) ولا أقصد بها تلك الكرة التي تعرفونها مع تعدد ألعابها التي سنت لها القوانين وشرعت لها الأنظمة التي تحفظ حقوق لاعبيها الذي لا أخالكم تجهلون أسماءهم وتعرفون صورهم من خلال إعلامنا المرئي والمكتوب والمسموع الذي لم يتوان في إبراز منجزاتهم الرياضية التي ستعكس صورة المملكة في المحافل الدولية وهذا حق لكل من اجتهد في رفع اسم المملكة. وهذا لا يتأتى من كرة القدم فقط حيث إن الساحة فيها أكثر من كرة فهناك كرة السلة والطائرة والطاولة والمضرب وكرة الرأس التي هي محور حديثي التي لها أبطالها الذين لم نعطهم حقهم من البهرجة الإعلامية والصخب المبثوث على الأثير والأموال المسخرة للاحتراف . ألا يستحقها لاعب المخ الذي يلعب بكرة الرأس في شتى الميادين العلمية وهم يملؤون الساحة بإبداعاتهم ومبتكراتهم دون تسليط الضوء عليهم. فالدكتور الجراح عبدالله الربيعة مثلا والطاقم الذي شاركه في فصل التوائم وأثبتوا نجاحهم الباهر وأضاؤوا صورة المملكة في الخارج أكثر من أي حدث يتم الصرف عليه في كرة القدم فهل طلب من أحدهم الاحتراف في مستشفاه كما يطلب من لاعبي كرة القدم أو أن يطلب انتقالهم من نواديهم - عفواً مستشفياتهم - بمقابل يرضيهم كما هو الحال في الرياضة، علماً بأن هناك لاعبين آخرين يلعبون في مراكز مختلفة. فهناك لاعبة الهندسة الجينية ( إلهام أبو الجدايل وأخصائية العيون سلوى الهزاع ودينا صالح السماعيل وخبيرة علوم الأدوية سميرة إسلام وحياة سندي التي اخترعت المجس الطبي ووفاء فقيه التي قامت بزراعة الرحم وأخصائية علوم البكتيريا أحلام العوضي وسامية الميمني أخصائية جراحة المخ والأعصاب) وغيرهم الكثير الذين لا تحضرني أسماؤهم مع الاعتذار لهم . جميعهم لاعبون محترفون ومتفرغون لم نسمع أن أحدهم دفع له نصف ما يدفع للاعب كرة القدم ولا حتى 10% من المال أو الإبهار أو الإشهار الذي يتغنى به الرياضي في لعبه أو المغني في طربه . فالمبدعون بلا ريبورتاجات ولا مقابلات ولا تصريحات ولا بروز إعلامي ولا بدلات مادية، لذلك المحترف وحتى عندما يتقاعد ينساه الجميع ولا أنسى الادباء والمفكرين والمبدعين في الفنون الأخرى من رسم ونحت وتصوير وتمثيل مسرحي وموسيقى واخراج سينمائي وغيرهم الكثير الذين يعملون بجهودهم الذاتية . فأيهم أكثر نفعاً وسطوعاً لوجه المملكة وأيهم أكثر ثباتاً واستمرارية فلاعب القدم عمره الرياضي محدود وتعزله الملاعب، أما الخبراء والمبدعون فكلما تقدم به العمر زاد بريقه لزيادة حصيلته العلمية واكتسب خبرة إضافية وزاد فنه وإبداعه أليس في ذلك غرابة تستثير السؤال وتنتظر الإجابة . اللاعب في أقل وعكة صحية تتوالى عليه البعثات الطبية، والمبدعون الذين تواروا عن الأنظار دون أن يدفع لهم قيمة الدواء ودون أن يعرفهم أحد . فلو نظرنا لما يصرف على الادب والثقافة والفن والمسرح مقابل ما يصرف على النشاطات الرياضية لذهلنا وأصابنا الاحباط من الفوارق في المنشآت والمشاركات في الداخل والخارج والبدلات والمكافآت والحوافز والعقود التي تحفظ الحقوق . أليس في ذلك هدر لحق المبدعين لإبداعاتهم وتصغير لحجمنا الواجب إبرازه بدلاً من تلك الصورة الباهتة التي يحاول الغرب غرسها من خلال إعلامنا المنقوص ونحن السبب في هذا الخلل الذي أهمل كل مضيء في مسيرتنا متناسياً منجزاتنا الحضارية والتنموية وسلط الضوء على الهوامش مثل سباق الهجن والنعرات الطائفية والتفاخر القبلي والتحزب المذهبي، فهل من متبصر يضع الأمور في نصابها لتظهر المملكة بصورتها المشرقة؟