في مطلع تسعينيات القرن العشرين، وخلال الأسبوع الواقع بين عيد الميلاد ورأس السنة، كنت أعمل كمندوب مبيعات لدى شركة برمجيات. وإذ كنت أهمّ بالمغادرة بعد انتهاء موعد مع مدير أنظمة المعلوماتية في أحد المصارف الاستثماريّة، سلّمني طلباً يزيد حجم البرمجيات التي يشتريها المصرف منّا إلى حد كبير، ويجدّد العقد الذي أبرمه معنا هذا الأخير بستّة أشهر قبل الأوان. لقد كانت دهشتي كبيرة. ولم أرَ أيّ سبب قد يحثّه على تقديم طلب شراء جديد في هذا الوقت المبكّر. وبنظري، شكّل الأمر خبراً مذهلاً لأنّ إبرام هذه الصفقة في أواخر كانون الأول (ديسمبر) بدلاً من حزيران (يونيو) سيسمح لي بجني مبالغ ماليّة أكبر بكثير، ثم أدركت لاحقاً أنه في أعقاب علاقة متينة جمعته بي طوال سنوات، طوّر رابطاً عاطفيّاً جعله معنيّاً بنجاحي، وهو استعمل رأس ماله السياسيّ الثمين ليساعدني. أعتبرُ أنّ بادرة من هذا القبيل هي السمة المميّزة لعلاقة أعمال ممتازة. وقد رصدتُ خمس خطوات قد تحث أحدهم على تطوير رابط عاطفي يجعله معنيّاً بنجاحك المهني: 1. من المهمّ أن تروق له: لن تحرز تقدّماً كبيراً في أيّ علاقة بغياب هذا الشرط المسبق الأساسيّ. وبالتالي، بادر بإظهار ودّ ورغبة في تقديم المساعدة. 2. من الضروريّ أن يحترمك على الصعيد المهني: يجب أن يكون معجباً بالطريقة التي تؤدّي فيها عملك، وبسلوكك وبمعاملتك للآخرين. وبالتالي، اعمل جاهداً على كسب احترام الآخرين. 3. من الضروريّ أن ينبهر «بشخصك ككلّ»: لن يحصل ذلك إلاّ إن بدأت العلاقة بينكما تنتقل إلى خارج مقرّ العمل. وقد تحضران معاً مباراة رياضيّة أو تذهبان لتناول العشاء. وإن شعر الطرف الآخر بأنك تعيش حياة تستحقّ احترام الآخرين، سيسعد بصدق لسماع أخبار نجاحاتك. 4. ازدياد اختلاطكما اليومي: في النهاية، سيصبح من الطبيعي أن يدعو كلّ منكما شريك حياته، ونصفه الآخر وأولاده إلى المناسبات التي تجمعكما خارج المكتب. وفي هذه المرحلة، قد يعطيك مرجع وظيفة أو يدبّر لك اجتماعاً مع نظير له في شركة أخرى، ويستنفد رأس مال سياسيّاً ليساعدك. 5. حافظ على زخم العلاقة: يكمن المفتاح في تماسك العلاقة واستدامتها، فهنا بالتحديد يتعثّر الكثير من الناس - ما إن تختفي منافع العمل، حتّى تتلاشى العلاقة. وما إن توشك العلاقة على اكتساء أبرز قيمها، يقلّلون من زخمها أو ينهونها كلّياً. تُعدّ العلاقات الجيّدة والثقة الأداة التي تسهّل النجاح المهني. ولكن يهمّ ألاّ تطوّر العلاقات بتهكّم، لأنّ هذه الأخيرة لا تستحقّ أن تستمر إلاّ مع أشخاص تحبّهم بصدق. (جيم دوهرتي رئيس تنفيذي مخضرم في مجال البرمجيات وصاحب مشروعات، كما أنه كبير محاضرين في "كلية سلون للإدارة" في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا").