أكدت وزارة التعليم العالي على الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج، ضرورة الابتعاد عن أماكن التجمع والمناسبات العامة في البلاد التي يدرسون فيها. وتزامن هذه التأكيدات التي وردت في تعاميم وزعتها ملحقيات ثقافية سعودية في الخارج، مع إرسال الملحقية الثقافية السعودية في كانبيرا (أستراليا)، رسائل نصية إلى المبتعثين، دعتهم فيها إلى «عدم الاقتراب من منطقة احتجاز الرهائن في مقهى بسيدني». كما دعتهم إلى «الابتعاد عن مواقع الشبهات، حفاظاً علی سلامتهم». وشهدت أوساط المبتعثين السعوديين في غير دولة نقاشات مطولة خلال الفترة الماضية، حول تعاميم المُلحقيات، إذ رأى فيها البعض «تضييقاً على الحريات»، أو «تدخلاً في الخصوصيات». فيما اعتبرها آخرون «واجباً تقوم به المُلحقيات لحماية المبتعثين، في ظل المخاطر المتعددة التي تواجههم». وذكر طلبة لـ «الحياة»، أن تحذيرات الملحقيات تهدف إلى «تقليل الخروج من السكن، وبخاصة في المناسبات والأعياد، التي قد تشهد حالات فوضى وشغب، وذلك لما فيه مصلحة الطلبة». وقال أحد الطلبة الذين يدرسون في العاصمة البريطانية لندن: «تلقينا تحذيرات من الملحق الثقافي، أكدت على ضرورة الالتزام في أماكن السكن في المناسبات الدينية والتجمعات، وتحاشي ارتياد المقاهي وغيرها. كما تلقينا تحذيرات بضرورة عدم المشاركة في احتفالات عامة، ولا بد من الالتزام في تعاليم الدين الحنيف والأنظمة المعمول بها». وقالت نورة منصور، المُبتعثة إلى أميركا: «إن تحذير المُلحقيات من الوجود في أماكن التجمعات خلال هذه الفترة يتزامن مع أعياد الميلاد (الكريسماس)، ورأس السنة، والهدف منها الحفاظ على المبتعثين في الخارج، وليس كما ادعى البعض أنه تضييق خناق». ولفتت نورة إلى أن منتدى المبتعثين «شهد طرح آراء متنوعة، حول ضرورة عدم التجمع والمشاركة في الاحتفالات التي لا علاقة للمبتعثين بها، فالبعض يرى أن خروجه للاطلاع على الاحتفالات لا يعني المشاركة، فقط من باب التغيير. فيما بادر آخرون في المنتدى إلى التنبيه بعدم الخروج، ليس لأسباب عقائدية وفكرية، وإنما لأسباب أمنية ليس أكثر، فالمُلحقيات تصدر تحذيرات لكنها في بعض الأحيان لا تلزم فهي فقط من باب النصيحة والإرشاد خوفاً على مصلحة الطلبة السعوديين في الخارج وليس للإلزام». وقال الطالب محمد العصيمي: «غالبية الطلبة يتجنبون من تلقاء أنفسهم، ومن دون تلقي تنبيهات، الوجود أو المشاركة في أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، لاسيما بعد الحوادث التي حصلت للمبتعثين في بعض الدول»، مضيفاً: «تلقينا هذا العام التحذيرات بسبب تكرار حوادث المبتعثين، واستهدافهم أحياناً. كما طرحت خلال اللقاءات التي تعقد والمنتديات الخاصة في طلبة الابتعاث، هذه التحذيرات». وذكر العصيمي، أنه «كثيراً ما يبادر المبتعث إلى إبلاغ أصدقائه وزملائه بالمكان الذي سيخرج إليه، حتى إذا تعرض لحالات اختفاء وما شابه ذلك»، لافتاً إلى أنه «بعد حادثة مقهى سدني، بات المُبتعثون أكثر حرصاً على الالتزام بالاحتياطات الأمنية، وبخاصة تلافي أماكن التجمعات العامة، تحسباً للتعرض إلى حوادث». وحاولت «الحياة» الحصول على رد من المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي الدكتور محمد الحيزان، إلا أنه لم يجب على هاتفه أو الرسائل المرسلة له. فيما أكد مصدر في برنامج «خادم الحرمين للابتعاث الخارجي» لـ «الحياة»، أن «التعاميم والتنبيهات تصدر بصورة عامة، ولا تقتصر على مناسبة معينة»، لافتاً إلى أن التحذيرات التي تطلقها المُلحقيات «تصب في صالح الطلبة، لإرشادهم وتحقيق أهداف برنامج الابتعاث». يذكر أن عدد الطلبة السعوديين المبتعثين ضمن برنامج «خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي» يبلغ نحو 150 ألف طالب وطالبة وفقاً لإحصاءات 2013. منهم نحو 110 آلاف في الولايات المتحدة الأميركية. وتأتي في المرتبة الأولى من بين الدول الأكثر ابتعاثاً. وحلت بريطانيا في المرتبة الثانية لناحية عدد المبتعثين، إذ يبلغون 14.459 مُبتعثاً، تليها كندا بـ13.801 مُبتعث، ثم أستراليا بـ8789 مبتعثاً، ونيوزلندا بـ2049 مُبتعثاً، وأرلندا بـ1707مبتعثين، والصين بـ1143 مُبتعثاً، وماليزيا بـ1105 مُبتعثين. وفي ألمانيا يبلغ عددهم 945 مُبتعثاً، و923 في فرنسا، و744 في بولندا، و609 في الهند، و499 في اليابان، و326 في هولندا. أما الدول العربية مجتمعة فتضم 16.364 مُبتعثاً.