أشاد الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، أمس، بإزالة «عقبة» في طريق العلاقات الأميركية - الكوبية، وقال إنه مستعد لمناقشة أي مسألة مع واشنطن بعد التقارب التاريخي بين البلدين. وقال كاسترو في كلمة في ختام دورة للبرلمان إن «الشعب الكوبي يشيد بهذا القرار الصائب الذي اتخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما، والذي يمثل إزالة لعقبة في طريق العلاقات بين بلدينا». وجاءت كلمة كاسترو غداة مصادقة البرلمان الكوبي الذي يلتئم مرتين سنويا؛ واحدة في يوليو (تموز) والثانية في ديسمبر (كانون الأول)، بالإجماع، على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين هافانا وواشنطن، حول تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد أكثر من نصف قرن من العداء. وبحسب وكالة الأنباء الكوبية «برنسا لاتينا»، فإن الدورة البرلمانية التي افتتحت أول من أمس تمتاز «بخصوصية تاريخية كونها تجري بعد عودة أبطال مكافحة الإرهاب الـ5 إلى وطنهم، وبعد إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية بين كوبا والولايات المتحدة». وكان قد أُفرج عن اثنين من هؤلاء في 2013 و2014. بينما أُفرج عن الـ3 الباقين خلال الأيام الماضية، بموجب الاتفاق الثنائي بين البلدين. في المقابل، وافقت كوبا على الإفراج عن عميل كوبي للاستخبارات الأميركية كانت تعتقله منذ نحو 20 عاما. ورأى محللون في التقارب الأميركي - الكوبي الذي أُعلن عنه الأربعاء الماضي، نهاية فكرة معينة عن الثورة الكوبية المتشددة ليحل مكانها السياسة البرغماتية التي ينتهجها الرئيس كاسترو. فبعد أن خلف أخاه الزعيم فيدل كاسترو في 2008 اعتمد الرئيس الكوبي تدريجيا لهجة الليونة في خطابه إزاء واشنطن، ليفسح بذلك المجال الضروري للبادرة التاريخية التي قام بها الرئيس أوباما بعد عقود تميزت بالخطابات النارية المعادية للولايات المتحدة لـ«القائد» فيدل. واعتبر عدد من الدبلوماسيين والخبراء أن الإعلان التاريخي الأربعاء لم يكن ممكنا تصوره على الأرجح في عهد قائد الثورة الكوبية الذي جعل صراعه مع العدو الأميركي «قدره». لكن راؤول طبع وهو في سن الـ83 بصمته على رأس البلاد من خلال إجراء سلسلة إصلاحات لم يكن من الممكن تصورها من قبل، مثل الانفتاح الجزئي أمام اقتصاد السوق، ومنح المواطنين حرية السفر من دون إذن من السلطات. وهذه الإصلاحات كان لها وقع طيب في الجهة الأخرى من مضيق فلوريدا. ولدى وصوله إلى الحكم، أعلن أنه سيتحاور وفق مبدأ «الند للند مع الولايات المتحدة». ومنذ ربيع عام 2013 أجرى هذا الرجل المنهجي الذي لا يتقن فن الخطابة محادثات سرية عن بعد، برعاية كندا، مع مسؤولين أميركيين. لكن راؤول كاسترو كان يُعد في السابق من «صقور» النظام، عندما كان وزيرا للدفاع في ظل حكم شقيقه. ورأى دبلوماسي أميركي لاتيني أن راؤول كاسترو عرف كيف يقدم التنازلات الضرورية لهذا التقارب المذهل بقدر ما هو تاريخي. وقال هذا الدبلوماسي الذي طلب عدم كشف هويته: «إن هذا الاتفاق حول تطبيع العلاقات لم يأتِ بين ليلة وضحاها، بل إنها عملية وصلت إلى مرحلة النضوج، ولا بد أن تنطوي على تنازلات». وأكد هذا الدبلوماسي أيضا أن الإفراج عن 3 جواسيس كوبيين وسجينين تطالب بهما الولايات المتحدة ليس «سوى الجزء المرئي في الاتفاق، ولا بد أن يكون هناك وعود وتنازلات أخرى». ومن بين العوامل الرئيسية التي ساعدت على هذا التغيير في المناخ، هناك أيضا قرار راؤول كاسترو فتح قناة دبلوماسية مع البابا فرنسيس، فيما بقي فيدل كاسترو مبتعدا عن الكنيسة. والأربعاء، حرص الرئيس الكوبي على «شكر الفاتيكان، خاصة البابا فرنسيس، على دعمه»، على هامش الاتصالات مع واشنطن. وفي الأثناء نفسها استمر في الخداع بشأن المواضيع التي يتمسك بها النظام، مع المطالبة بشكل مستمر بحرية العملاء الكوبيين الـ3 وإدانة الحظر الأميركي الذي ما زال الكوبيون يسمونه بـ«الحصار».