تسيطر على أحاديث الناس هذه الأيام ملفات الميزانية القادمة، وأصبح الصغير والكبير يتحدث في الشأن الاقتصادي من زوايا مختلفة في الشكل والمضمون. لا يهم حديث المجالس، الذي يهمنا وضع اقتصادنا المتين الذي احتل المرتبة العاشرة في قائمة العشرين التي عقدت مؤخرا في أستراليا، والذي يهمنا أن تكون الميزانية واقعية ومناسبة للمرحلة بكل توقعاتها. المواطن الغيور على وطنه مستعد لكل الاحتمالات، ويتقبل كل الأوضاع، ويستطيع ربط الحزام، وغل اليد والصبر على عواصف السوق العالمية، لكن الطرف الآخر عليه أن يثمن هذه المشاعر الوطنية بالتغاضي والتجاهل، فالمواطن يستطيع الموت واقفا شريطة حمايته من مظاهر المجاهرة بالمعصية في بعض مزايين الإبل التي تصل إلى التنافس في ذبح البعارين والخرفان ثم دفنها جماعيا بالشيولات في منظر مقزز ومؤلم لكل شعوب الأرض، ناهيك عن سعر البعير الذي يوازي دية عشرة رجال بشواربهم، وحمايته من مزايدات "الجلد المنفوخ" بملايينها المهدرة للاعب لا يجيد ركل الكرة، يتقاضى مئات الألوف شهريا بينما حملة الماجستير العائدين من البعثات يمارسون رياضة الجري للبحث عن وظيفة. الحماية المتزامنة مع الميزانية المتوقعة يجب أن تمتد إلى عقود الباطن فقد حقق هواميرها أرصدة تكفي أحفاد أحفادهم مئات السنين، ولا يطلب المزيد إلا جهنم يقال لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد. وهناك ملفات "علاقي" خضراء وطوابير بحاجة للعمل وعوانس على الرصيف، وهناك شعراء شعبيون يستخدمون مفردات سقيمة، يعممون ثقافة سطحية موغلة في "الهنبكة" ويحصلون على بالملايين والسيارات والعقارات! الميزانية ستكون محملة بالخير إن شاء الله، أما إذا أتت وفق معطيات وتوقعات السوق فلا مانع من ربط الحزام بشرط الحماية من "الهياط".