×
محافظة المدينة المنورة

توصية بإطلاق جائزة خادم الحرمين لدول حجاج التميز

صورة الخبر

بيروت: كارولين عاكوم في عكّار، شمال لبنان، عائلات مفجوعة تنتظر أي خبر يطمئنها عن أبنائها، ضحايا «العبارة الإندونيسية»، موتى كانوا أم أحياء. وفي غابات إندونيسيا، ستة لبنانيين بينهم طفلتان هربوا من «مافيا» الهجرة غير الشرعية يطلقون صرخة استغاثة عبر «الشرق الأوسط»، مطالبين السلطات اللبنانية التحرك لإنقاذهم وإعادتهم إلى وطنهم. حتى كتابة هذه السطور، لم يكن أحد من المسؤولين اللبنانيين اتصل بهم، باستثناء وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، الذي تواصل معهم بناء على طلب من «الشرق الأوسط» التي نقلت إليه رقم هاتفهم، في حين أن مجموعة أخرى من الناجين، بينهم 3 لبنانيين وأردني، حالفهم «الحظ» بالنجاة من غدر البحر، بعدما تمكنوا من السباحة والوصول إلى إحدى الجزر القريبة، لا يزالون محجوزين في فندق بجاكرتا، وتمنعهم الشرطة الإندونيسية من التواصل مع ذويهم. «منذ ثلاثة أيام ونحن في الغابات تائهون من دون طعام أو شراب، وكذلك من دون مال وأوراق ثبوتية بعدما أخذها منا رجال (المافيا). نهرب من زاوية إلى أخرى كي لا نقع فريسة (مافيا الهجرة غير الشرعية)، ولا سيما من (أبي صالح) العراقي الذي أعطيناه المال ليؤمن وصولنا إلى أستراليا». بهذه الكلمات يصف كل من عبد الله جديد ومصعب الكريك وعايدة الحسن، حالتهم لـ«الشرق الأوسط» من إحدى غابات إندونيسيا، حيث فروا من أشخاص تابعين لـ«أبي صالح»، أثر امتناعهم عن ركوب العبارة بسبب سوء حالتها، وهو الأمر الذي جعل الأخير يتصل بهم شخصيا من سجنه حيث يمضي فترة حكمه، لتهديدهم بأنه سيتخلص منهم في أقرب وقت. «أطلق علي لقب أسد لبنان وعرض دفع مبلغ 100 ألف دولار لمن يسلمني له، لأنني تمردت عليه وحرّضت من بقي معي هنا كي لا يذهبوا معه لأنني كنت أعرف أنّ هدفه فقط الحصول على المال وليس سلامة المهاجرين أو إيصالهم»، يقول مصعب الكيك (23 عاما) لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «الآخرون لم يصدقوني وذهبوا معه». يروي مصعب تفاصيل الرحلة التي أوصلتهم إلى إندونيسيا، ويقول: «تواصلت في بادئ الأمر مع شخص من بلدة قبعيت بعكار يدعى علي أحمد توفيق، ينسّق بدوره مع «أبي صالح»، وطلب مني 10 آلاف دولار، مقابل تأمين لجوئي في أستراليا. وصلت قبل 4 أشهر إلى جاكرتا واستقبلني أحد الأشخاص الذين يعملون مع «أبي صالح»، بعدما كان وصل قبلي نحو 30 لبنانيا تمكنوا من الوصول إلى أستراليا، ومنذ ذلك الحين يعدني بأنه سيؤمن انتقالي إلى أستراليا، ولم يفعل. التهديد نفسه شمل كل الهاربين من «عبارة الموت»، بحسب عبد الله جديد، أحد الناجين أيضا. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما عرف أننا رفضنا الصعود إلى العبارة اتصل أبو صالح بنا، وهددنا قائلا: (لن أترككم وسأتخلص منكم أينما كنتم يا خبثاء)». وفي حين يطلق اللبنانيون في غابات إندونيسيا، نداء استغاثة للمعنيين بالأمر في لبنان لتأمين عودتهم، مجمعين على أن تركهم الوطن لم يكن إلا بحثا عن حياة كريمة، يقول مصعب: «كنا نعيش حياة معدومة ولكن رغم أنّنا هربنا من وطننا لأنّ دولتنا تخلت عنا ولم تقدّم شيئا لنا، نأمل اليوم أن تخيب لنا أملنا إيجابا وتنقذنا مما نحن فيه». وهذا ما تلفت إليه أيضا، عايدة الحسن التي نجحت في إنقاذ حياتها وحياة طفلتيها (3 و4 سنوات) من الموت في البحر، لكنها تعيش اليوم خوفا من أن يموتا من الجوع والعطش. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «وصل زوجي إلى أستراليا قبل 6 أشهر بالطريقة نفسها»، مشيرة إلى «أننا تواصلنا مع شخص يدعى محمود الحسن من شمال لبنان، ينسّق مع ابنته في أستراليا لتأمين لجوئنا». وتؤكّد عايدة أنّ جميع المهاجرين كانوا قد التقوا «أبا صالح» في السجن حيث يقضي حكما هناك بعد اتهامه بجريمة قتل من القضاء في إندونيسيا. وقالت: إن اللقاء داخل السجن جرى بالتنسيق مع الشرطة الإندونيسية، التي دفعوا لها مبلغا من المال مقابل السماح باللقاء به داخل محبسه. وهناك سلموا أبو صالح دفعة من المبلغ المطلوب وهو 10 آلاف دولار عن الشخص الواحد. وتشير عايدة إلى أنّه و«منذ حصول حادثة غرق العبارة، أصبحت محاولة الاتصال بكل من كانوا قد تولوا مهمة التهريب، ولا سيما أبي صالح، غير ممكنة، حتى بزوجها الموجود في أستراليا». وفي لبنان، وتحديدا في عكار، تنتظر العائلات المفجوعة أي خبر يصلها من إندونيسيا، بعد أربعة أيام على معرفة غرق العبارة، علّه يطمئنها عن سلامة المفقودين ويمنحها أملا بدفن ضحاياها على مقربة منها، بعدما بدأ العمل على أخذ فحوص الحمض النووي. لكن يبدو أن هذا الأمل قد يتلاشى في الساعات القليلة المقبلة، بعدما طرح موضوع دفنهم في إندونيسيا، وفق ما أعلن رئيس بلدية قبعيت علي حمزة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنّه «يتم الآن مناقشة هذه القضية مع الأهالي بعدما تبين أنّ الجثث متعفنة ومتورمة، بسبب عدم وضعها في البرادات، حتى أنّ أحد أقرباء الضحايا لم يتمّكن من التعرّف على أخته»، على حد تعبيره. وفي حين من المتوقع أن يصل في الساعات المقبلة إلى إندونيسيا، وفد لبناني ثان بعدما كان قد سبقه إلى هناك وفد آخر، أوضح الموفد من قبل التجمع الشعبي العكاري اللبناني أحمد حمزة إلى إندونيسيا لمتابعة مسألة غرق العبارة الإندونيسية في اتصال مع مكتب «وكالة الصحافة الفرنسية» في سيدني أن المركب كان يقل 120 شخصا من جنسيات مختلفة من بينهم 50 لبنانيا، وتم انتشال 55 جثة من جنسيات مختلفة وتعمل السلطات على تحديد هوياتها، مشيرا إلى «أن السلطات الإندونيسية تحتجز 18 شخصا من الناجين ومن بينهم 3 لبنانيين». وحضر سفير لبنان في ماليزيا علي ضاهر إلى مقر بعثة لبنان في إندونيسيا للعمل مع القائمة بأعمال السفارة اللبنانية جوانا القزي لدى السلطات الإندونيسية لإنهاء أزمة العبارة وتأمين إعادة الجثث إلى لبنان وإطلاق سراح المحتجزين، الذين تم الحصول على موافقة السلطات الإندونيسية للقائهم.