أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام الدعوة إلى الله غير محصورة بوقت أو مكان، فهذا نوح عليه السلام يقول (ربي إني دعوت قومي ليلا ونهارا) وهذا يوسف عليه السلام يدعو في السجن ( ياصاحبي يا أرباب متفرقة خير أم الله الواحد القهار) فمن أعجزته طريقة وجد أخرى ومن أغلق عليه باب فتحت أبواب وهو النصح الميسر للجميع، فيجب على الداعي أن يثبت على أشده بالدعوة والبلاغ والأمر والنهي حسب الضوابط الشرعية وحسب الاستطاعة ويجب أن توطن النفوس على تحمل العداء والأذى والابتلاء التي تترتب على الدعوة والتبليغ وأن نعلم أن في قلوب الناس خيرا كثيرا وإن في المسلمين من فتح الله عليه في العلم والفقه بالعلم ومعرفة الأحكام والتعليم ومنهم من فتح عليه بالوعظ وترقيق القلوب ومنهم من فتح عليه بالنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنهم من انشغل بنشر الكتب وآخرون بمدافعة الباطل وكل على ثغر من الإسلام. وأضاف فضيلته أنه لا يجوز هذا التنوع أن يكون سببا للفرقة والنزاع بل كل مسخر لما خلق له فقد علم كل أناس مشربهم، ومن أساء من محبي الخير وناشري الإصلاح ممن سلمت عقيدتهم وحسن قصدهم وصلحت سيرتهم أفرادا كانوا أو جماعات في شأن من شئون الدعوة، فالواجب على إخوانهم تبصيرهم بالحسنى ونصحهم والصبر عليهم وتعليمهم مهما جفوا وتعاهدهم بالنصيحة كل وقت فهم أحق بالصبر عليهم كصبر الأنبياء على أقوامهم المشركيين، وإن الاختلاف من أكبر العثرات في سبيل الدعوة فرحم الله من أعان الدين ولو بشطر كلمة وإنما الهلاك في ترك ما يقدر عليه المرء في الدعوة لهذا الدين. وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن من أعظم ما يسيء إلى الإسلام والمسلمين ويبطىء من دعوته ويحد من انتشاره تصرفات بعض المسلمين وخاصة ممن يظن نفسه من المحافظيين عليه وقد رأينا في السنوات المتأخرة جرائم من أمثال هؤلاء عملت في الإساءة للإسلم والمسلمين والدعوة إليه ما لم يستطيع أعدائه مثله فلم تكن ساحته ساحة حرب أو ضحاياه محاربون بل كانت مدارس المسلمين وبيوتهم وأسواقهم، وكان آخرها جريمة الهجوم على مدرسة أطفال في الباكستان راح ضحيتها أكثر من 130 قتيلا معظمهم من الأطفال، وإنه لا عذر لهؤلاء القتلة عند الله ولا تبرير من أي عقل وعاقل ولن يقبل صنيعهم أي ضمير ولقد ولغ القتلة بدم حرام وأزهقوا أنفسا لم يجر قلم التكليف فيهم، فما ذنب هؤلاء وماذنب أطفال سورية والعراق وغيرهم ممن يمطرون بالقتل صبحا ومساء ويشردون في جوع وخوف وزمهرير الشتاء المجرمون سواء والإسلام منهم براء وإن من أصول ديننا والمعلوم منه بالضرورة عصمة الدماء وتعظيم خطرها ومع ذلك نرى سفكه أهون عند كثيرين فيجترئون عليه بآراء منحرفة وفتاوى مزيفة، ولقد حفظ الإسلام دماء أبناء الكفار المحاربين، فكيف بدماء أبناء المسلمين الأمنين نعوذ بالله من الانتكاسة بالدين وسلوك سبيل الخوارج الغاليين، ونسأل الله أن يكفي المسلمين شرورهم.