×
محافظة المنطقة الشرقية

ملثمون يلقون بجثة عند مستوصف بالقطيف ويلوذون بالفرار

صورة الخبر

"سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون الف وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف فهل تغضب؟" (محمود درويش) *** عند الحديث أو الكتابة عن شاعر كبير متميز فإنه يجب أن تكون الكتابة تحت مظلة فنية مستشعرة بالأهمية التي يجب أن تصاحب هذه الكتابة حيث يتضح المراد من الكتابة، فالدكتور الناقد صلاح فضل في كتابه (محمود درويش حالة شعرية) الصادر ضمن سلسلة كتاب مجلة (دبي الثقافية) كتب بشعرية نقية، وذوق حساس ذي شفافية راقية، وقد كان في تعرضه للمسألة اللغوية والموضوعية يلامس المواضيع بالإتكاء على اسلوبه المعهود السلس ودقة التناول لكي يصل إلى المعنى الذي يريد أن يشاركه المتلقي المتعة واللذة التي تنطوي عليها تلك النصوص الدرويشية: "قرأت في البدايات عندما كنت اعمل على الدكتوراة في إسبانيا عن شعراء المقاومة، ثم قرأت مع أستاذ مهتم بترجمة شعراء المقاومة - بهذا المعنى يقول فضل – وراجعت ترجمة قصيدة (بطاقة هوية) الى إسبانية، فأخذت بشعريتها الطازجة وهي تنطلق لتعلن مولد إنسان عربي يتمرد على الهزيمة ويعلن انتصاره الروحي، شعرت حينئذ – بشكل مبهم – بقرابة هذا الأسلوب من شعر نزار قباني نفسه في قدرته المذهلة على تجسيد المشاهد وتحويل الدلالات الغائمة إلى معالم ملموسة لايختلف على إدراكها أحد، ثم قرأت في وقتها لنزار قباني الذي كان يعمل وقتها ملحقا ثقافيا بإسبانيا ترحيبا شعريا حارا بهؤلاء الشعراء الشباب، فاخذت أقرأ لأصدقائي الإسبان والعرب من شعر درويش: سجل أنا عربي/ ورقم بطاقتي خمسون الف.." وبعد أن انتقل الشاعر محمود درويش إلى القاهرة استقبل بحماس شديد وبتقدير لشاعريته السهلة الممتنعة التي عبرت عن حال الوطن الفلسطيني والمواطن تحت الاحتلال وخارجه، فقد كانت هزيمة حزيران العار الذي طال العرب كافة تلقي بظلالها القاتمة على كافة العالم العربي لأن شيئا لم يكن في الحسبان قد حدث، عكس ماكان يصوره الإعلام العربي من تقزيم وتهوين من شأن المحتل الصهيوني وأن النصر قريب، ولكن عند المواجهة كانت الخيبة وسقطت القوالب، وأتضحت الأكاذيب وذابت الشعارات، وعمل درويش كاتبا في الصحف المصرية، وصار ينشر المقالات والقصائد مما لفت الأنظار إليه أكثر من غيره، إذ بدأ شعره يظهر للقارئين حاملا هموم الوطن وبشاعرية تلج القلوب قبل العقول بما تحمله من معاني داخل إطار شعري ذي خصوصية متفردة قريبة من الناس محفزة، ومواسية، ومتفائلة، وفي تلك الفترة كان الراحل الفنان المبدع فاروق البقيلي محررا ثقافيا في مجلة الأسبوع العربي اللبنانية، شد رحاله إلى القاهرة ومعه آلة التسجيل وعمل مقابلة مع الشاعر استولت على ست صفحات من المجلة تضمنت الحديث عن السيرة والمسيرة، والشعر والشعرية، وقد قال لي الصديق البقيلي: لقد قابلت الكثيرين من شعراء، وفنانين، ونقاد، وأدباء، وكنت أعمل القلم في تعديل بعض الكلمات من العامية الى الفصحى إلا محمود درويش فقد أفرغت مافي آلة التسجيل على الورق ولم أغير أو أبدل كلمة واحدة حيث كانت عباراته تنثال انثيالا بالفصحى ذات البلاغة الراقية والشعرية الرشيقة، وهذه هي الحقيقة بالنسبة لدرويش فقد كان ظاهرة لن تتكرر وحتى يومنا، فمن بعد رحيله لم نحصل على من يكون مثيلا أو قريبا ذهب درويش وذهب الشعر الجميل العميق معه. - لقد تناول د. فضل الجماليات الشعرية، وتعمق في معاني اللغة ونحت الكلمات، وشمولية الموضوعات التي تضمنتها قصائد درويش: "سنرى عندئذ أن إبدالات اسلوب درويش الشعري لاتتمثل في تغيير ألوانه واختلاف طرائقه في التعبير عن كل مرحلة من تطوره، بقدر ماتظل أقرب إلى تحولات الوجه الواحد من الطفولة إلى الشباب، ثم انقلابه عند النضج والكهولة، بحيث يكتسب ملامح لم يكن بوسعك أن تتوقعها، فإذا ماتركت بصماتها على محياه، وشاهدته عند الشيخوخة، إن كان الشعر يشيخ، رأيت الطفل في الرجل، وأدركت كم تغير عندما اكتهل وظل وهو في الوقت نفسه دون قطيعة صارخة، وبهذا يحق لنا أن نقول إن التاريخ الداخلي للشاعر يقترب بشكل حميم من تجليات اسلوبه، بحيث لا تحترق مراحل الإبداع، ولا تتبدل الخلقة الأولى إلا بقدر ماينوشها من غضون عميقة وخيوط مكتسبة" * يختارني الإيقاع يشرق بي أنا رجع الكمان ولست عازفة أنا في حضرة الذكرى صدى الأشياء تنطق بي فأنطق (م.د)