يعيش الأطباء البشريون في معزل تام عن زملائهم الأطباء البيطريين، ويندر أن تجد طبيبا بشريا يستشير طبيبا بيطريا في علاج بعض الأمراض لدى البشر، وفي الوقت نفسه لا يتوانى الطبيب البيطري عن استشارتهم مثل ما حدث مع الطبيبة باربرا ناترسون حين جاءها طلب من الأطباء البيطريين المشرفين على حديقة لوس أنجلوس لمساعدتهم في تشخيص حالة أنثى شمبانزي، مما غير حياتها ونظرتها للبيطريين! وبدأت تتساءل: لماذا لا نستفيد من خبراتهم، خصوصا أن بعض الأمراض تكون شائعة لدى الحيوانات أكثر من البشر مما يمنحهم خبرة في كيفية التعامل معها، كما أن كل الأدوية التي نستخدمها تمت تجربتها على الحيوانات في البداية، وحتى العمليات الجراحية تجرب على الحيوانات وإذا ثبت نجاحها تطبق على البشر! في عام 2000 اكتشف الأطباء البشريون النوبة القلبية التي تستحثها العاطفة، واتضح أن التشخيص البشري "الجديد" لم يكن جديدا أو مقتصرا على البشر. لقد كان الأطباء البيطريون يشخصونه ويعالجونه، بل إنهم يمنعون الأعراض المستحثة بالعاطفة لدى القرود والغزلان وحتى الأرانب، منذ سبعينيات القرن الماضي! تقول باربرا: لقد تملكتني الدهشة، مع كل هذه التداخلات، وأتساءل دائما عندما أرى إنسانا مريضا: ما الشيء الذي يعلمه أطباء الحيوانات ولا أعلمه عن هذه المشكلة، فربما أقوم برعاية أفضل لمريضي البشري إذا رأيته كمريض بشري حيواني! مثلا بعض المرضى البشر يقومون بإيذاء أنفسهم، وبعضهم يقتلع خصلات من شعره، وآخرون يجرحون أنفسهم. في المقابل هناك بعض الطيور تقتلع ريشها، وبعض الخيول التي تعض خاصرتها باستمرار إلى أن ينزف منها الدم. ولكن الأطباء البيطريين يملكون طرقا خاصة وفاعلة جدا لعلاج إيذاء النفس وحتى الوقاية منه في حيواناتهم التي تؤذي نفسها. اكتئاب ما بعد الولادة الذي يصيب النساء وقد يدفعهن للتخلي عن مواليدهن أو حتى إيذائهم، عرفه الأطباء البيطريون للخيول، فالفرس بعد الولادة بقليل، تتخلى عن المهر وتأبى احتضانه وقد تركله حتى الموت! وتعاملوا مع هذه الأعراض ولجأوا إلى معالجتها بهرمون يزيد الالتصاق ليعود اهتمام الفرس بابنها! أليس من المفترض أن يتم وضع هذه المعرفة البيطرية بين أيدي المعالجين النفسانيين والأطباء والمرضى للوصول إلى الحل الأمثل؟! لقد تبنت باربرا أحد أهم المشاريع لكسر الحاجز وردم الهوة بين الأطباء البشريين والبيطريين من خلال برنامج "داروين أون راوندس" في جامعة كاليفورنيا، حيث يشارك الأطباء البيطريون الفريق الطبي في الجولات على المرضى للتشخيص واختيار أفضل طرق العلاج!