في عام 2002م كتبت في هذه الصحيفة مقالاً بعنوان (اللحظات الثمينة) أنتقد فيه دخول كاميرا الجوال للمملكة حيث كان يعلن عن تلك الأجهزة بعنوان «استمتع باللحظات الثمينة» وفيه تُعرض لقطات من الصور المختلفة الملتقطة بكاميرا الجوال مثل أهداف كرة قدمٍ في المرمى، أو سيقان امرأةٍ تعبر شارع. وحينها لاقى المقال تأييداً ودعاء من الصالحين!! والآن لو كانت جدتي على قيد الحياة لتبادلت معها صور snap chat كما يتداولها الصالحون وزوجاتهم وبناتهم، وكما يسجلون اللحظات الجميلة أثناء أفراحهم وأسفارهم، وأشكال أطباق حلوياتهم في البيت أو المطعم! وفي عام 1970م كان الشباب يخبئون التلفزيون في أماكن مغلقة كيلا يراه آباؤهم فتكون كارثة، مثلما عثر أحد الآباء على التلفزيون المخبأ فصعد السطح ورماه من علٍ لضمان عدم عودته للحياة فيأثم من يشاهد فيه المنكرات! ولا تندهشوا حين تعلمون أن ذلك كان في زمن القناة الأولى التي يبدأ بثها عند الرابعة عصراً وينتهي عند الحادية عشرة مساء! ومن يكون لديه جهاز تلفزيون قد تتعرض بناته للعنوسة ويتلبسه الإثم ويتعرض لغضب الله! وحدث أن خبأ أحد الشباب التلفزيون في دولاب ملابسه وحصل ماس كهربائي فاحترقت الغرفة بكاملها فنسب أهله ذلك لغضب الله وسخطه، وبعدها تاب الشاب وانضم لجماعة المسجد! أقول ذلك بعد الهجوم الذي تعرض له الشيخ أحمد الغامدي حينما استضافته وزوجته الزميلة بدرية البشر في برنامجها للحديث عن حكم كشف وجه المرأة وسماحة الإسلام في ذلك وتفنيده بعض الأقوال، واستناده على المواقف الشرعية التي حصلت إبان نزول الوحي وعصر الصحابة. ولو جمعت التغريدات والكلمات والعبارات التي رافقت هذا الهجوم ووضعتها تعليقاً على حكم مشاهدة التلفزيون واقتنائه وجوال الكاميرا آنذاك لوجدتها لا تختلف مطلقاً، إلا أن الاختلاف حالياً متجه نحو المرأة وهو مالم يكن موجوداً أيام السبعينيات الميلادية، فلم تكن قط طرفاً فاعلاً في الجدال كما هو الوضع الآن، فالمرأة هي سيدة الجدال في الوقت الحاضر ابتداء من عملها وبطاقة أحوالها وقيادتها للسيارة وابتعاثها وكشف وجهها وسفرها ودخولها للملاعب! ويود المتشددون التصرف حتى بكيفية معيشتها، وتنفسها هل من منخر واحد أو اثنين؟ فقد كان سابقاً يسمح لها بتبرج واحدة من عينيها وغطاء الأخرى بإحكام! وأرجو ألا يتوقع أحد إصابة وجه زوجة الغامدي بالبثور نتيجة لظهورها بالتلفزيون فمن المعتاد ربط توقع حصول الأمراض والمحن لمن يخالف العادات والتقاليد كما كان متبعاً في أوروبا إبان عصر الظلمات، وحينما أضاء الفكر ردهاتها دحرت التخلف وهزمت الجهل.