أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمس عن انطلاق جولة جديدة من محادثات السلام بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا وموسكو يوم الأحد المقبل في عاصمة بيلاروسيا مينسك، وذلك بعد فشل الجولة السابقة من المحادثات التي وقعت في نفس المدينة قبل ثلاثة أشهر. وصرح بوروشينكو لصحافيين بعد محادثات مع نظيره البولندي برونيسلو كومورفيكس في وارسو: «اتفقنا على أن تعقد مجموعة الاتصال اجتماعا عبر الفيديو الخميس والجمعة»، في إشارة إلى المجموعة التي تضم ممثلين من كييف وموسكو وانفصاليين يسيطرون على أجزاء من شرق أوكرانيا ومجموعة الأمن والتعاون في أوروبا. وبدوره، أعلن الكرملين أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبوروشينكو ونظيريهما الفرنسي والألماني اتفقوا في مكالمة هاتفية جماعية على استئناف المحادثات «بالسرعة الممكنة». ويعتزم المفاوضون مناقشة «تنفيذ اتفاق مينسك»، بحسب الكرملين، في إشارة إلى خطة السلام العريضة التي تم الاتفاق عليها في سبتمبر (أيلول) الماضي في عاصمة بيلاروسيا ولم يتم تطبيقها مطلقا. وقال بوروشينكو إن السلام يمكن تحقيقه «خلال ثلاثة أسابيع»، إذا سحبت روسيا قواتها من أوكرانيا وأغلقت حدودها. ومن جانبها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني من كييف أمس إنها والرئيس بوروشينكو رصدا مؤشرات عن وجود استعداد أكبر لدى روسيا لحل الأزمة في شرق أوكرانيا. وقالت موغريني في اليوم الثاني من زيارتها للعاصمة الأوكرانية: «لدينا انطباع أنه قد تكون هناك بعض العناصر التي تجعلنا نظن أنه قد يكون هناك استعداد أكبر لحل الصراع لدى الجانب الروسي من جانب الرئيس بوتين، لكننا نتفق على حقيقة أننا انتابتنا المشاعر نفسها أو الانطباعات نفسها في مرات أخرى في الأشهر الماضية». وأضافت: «الآن التحدي الحقيقي هو التنفيذ. والدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي موجود لتحقيق ذلك. الرسالة اليوم هي: يجب أن نعود إلى الأشياء الملموسة لتنفيذ الإصلاحات وإنجاح عملية مينسك في الأرض». وجاءت تصريحات موغريني تكرارا لما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري أول من أمس عن أن روسيا اتخذت خطوات بناءة في الأيام القليلة الماضية باتجاه تخفيف حدة التوتر في أوكرانيا. لكن رغم أجواء التهدئة هذه، أعلن السكرتير الجديد لمجلس الأمن القومي في أوكرانيا أن بلاده تعتزم تأسيس «أقوى جيش في أوروبا» استعدادا لأي حرب محتملة مع روسيا. ورأى ألكسندر تورتشينوف المعروف بمواقفه المتشددة أن أوكرانيا تحتاج إلى جيش قوي رغم مشكلاتها الاقتصادية، وذلك لاستعادة شبه جزيرة القرم من روسيا. ونقلت وسائل إعلام أوكرانية عن تورتشينوف الذي عينه الرئيس بوروشينكو قوله أمس إن الجيش الأوكراني «سيحرر» مناطق شرق أوكرانيا من أيدي الانفصاليين الموالين لروسيا. وقال تورتشينوف الذي كان يتولى رئاسة البرلمان إن الجيش الأوكراني بحاجة إلى وحدة عسكرية احتياطية قوامها 100 ألف جندي للمشاركة في معارك تحرير شبه جزيرة القرم ومناطق شرق أوكرانيا، مضيفا: «ليس لدينا مخرج آخر»، وسيتم البدء في حشد هذه الوحدة على مراحل اعتبارا من العام المقبل. وتابع تورتشينوف: «لن تنتهي حربنا إلا بعد تحرير جميع مناطق أوكرانيا بما في ذلك جمهورية القرم المستقلة». وتسعى القيادة الأوكرانية إلى ضم البلاد إلى حلف شمال الأطلسي، وهي تأمل في الحصول من الغرب على مساعدات عسكرية بالمليارات، وكذلك على دعم عسكري وأسلحة. وكانت أوكرانيا، العضو السابق في الاتحاد السوفياتي، قد أعلنت في وقت سابق زيادة موازنتها العسكرية. وتتهم أوكرانيا روسيا بتأجيج الحرب من خلال تسليح الانفصاليين الموالين لروسيا والقتال إلى جانبهم، إلا أن الكرملين أكد أنه رغم المشاهدات المتكررة لمن يعتقد أنهم جنود روس في أوكرانيا فإن موسكو غير مشاركة في الحرب. وجاءت هذه التطورات عقب تأكيد البيت الأبيض ليل الثلاثاء - الأربعاء أن الرئيس باراك أوباما سيوقع على قانون لفرض عقوبات جديدة على روسيا. وأدت العقوبات التي فرضتها واشنطن وبروكسل على موسكو بسبب دورها في أوكرانيا إلى أضرار جسيمة على الاقتصاد الروسي. وأدى النزاع المستمر منذ 8 أشهر بين القوات الحكومية الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا إلى مقتل 4634 شخصا على الأقل وإصابة 10243 آخرين وتشريد أكثر من 1.1 مليون شخص، طبقا لإحصاءات الأمم المتحدة.