يقدم متحف جورج بومبيدو الباريسي بالتعاون مع متحف ويتني للفن الأميركي في نيويورك، أعمال الفنان الأميركي المرموق جيف كونز (59 سنة) للمرة الأولى في أوروبا. بدأ كونز حياته المهنية في ميدان الأعمال والبورصة، قبل أن يكرّس حياته للرسم والنحت وتصميم وإنجاز الأشكال الضخمة الدامجة عناصر عدة والرامزة إلى أشياء محددة من الحياة اليومية، مسلطاً الضوء بواسطة فنه المعاصر على عيوب المجتمع الغربي على مدار المراحل المتتالية منذ بداية القرن العشرين. وللحدث أهمية كبرى في عالم الفن، خصوصاً لناحية الكمية الهائلة المقدمة من الأعمال (أكثر من 100 قطعة ضخمة الحجم) والتي تشكل 35 سنة متواصلة من الجهد الفني. لذا وزّعت أعمال المعرض على ثلاثة طوابق كاملة وطبقاً لتواريخ إنجاز اللوحات والمنحوتات، حيث يمكن الزائر الإطلاع على المعروضات بأسلوب منطقي وواضح. وكل فترة في تاريخ أعمال كونز مرتبطة مباشرة بمقارنة مع الأسلوب الفني الكلاسيكي الذي ميز هذه الفترة نفسها، الأمر الذي يسمح بالمقارنة بين الفن التقليدي وفن كونز، وبإدراك التأثير الذي مارسه الفن التقليدي المعني خلال كل فترة، على أعمال كونز. وهناك الطابق المخصص لما يطلق عليه «أيقونات كونز» أي القطع الفنية التي شهرت الفنان على مدار الأعوام وجعلته أحد أهم أصحاب الثروات في العالم. فهو عمل في البورصة وصار الآن صاحب أعمال فنية داخلة في قوائم البورصات العالمية. ومن الأيقونات التي أبدعها «إيكيليبريوم» (Equilibrium)، و «رابيت» (Rabbit)، و «مايكل جاكسون أند بابلز» (Michael Jackson and Bubbles)، و «بالون دوغ» (Balloon Dog)، وقد لعبت كل واحدة منها دوراً أساسياً في تحديد معالم الفن المعاصر المرسوم والمنحوت بين فترة الثمانينات من القرن العشرين ومطلع الألفية الحالية. وفي طابق آخر، يتسنى للزائر اكتشاف مجموعة تحمل اسم «فخامة وانحدار» (Luxury and Degradation) وهي تتمحور على الوسائل التجارية المتعددة والمختلفة التي تعتمدها المؤسسات الأميركية في الترويج الدعائي لمنتجاتها، والتي تخاطب الغرائز الأساسية عند المرء بعيداً عن القيم الأخلاقية. وتدل الإحصاءات المنشورة إلى جانب أعمال كونز هذه، على أن الدعاية المنحدرة تأتي بنتائج ملموسة وبالتالي تصيب هدفها، خاصة لدى الطبقة المتوسطة في الريف الأميركي. الكاميرا الرقمية وفي مجموعة «احتفال» (Celebration) يترك جيف كونز العنان لخياله رامزاً إلى أشياء صغيرة أو أيضاً كائنات صغيرة الحجم مثل بعض الحيوانات الأليفة، يحبها أساساً ويجسدها بالتالي في شكل تماثيل ضخمة، بهدف جذب الانتباه إليها وإلى وجودها وإلى مدى أهميتها في الكون. وفي مجموعة «هالك إلفيس» Hulk Elvis يجسد كونز الفنان الراحل إلفيس بريسلي في شكل العملاق هالك، ليُشير إلى أهمية بريسلي في الميدان الفني والثقافي والاجتماعي الأميركي خلال القرن العشرين. وصمّم أحد هذه التماثيل الضخمة من مواد صلبة غير قابلة للأكسدة. وفي كل واحدة من المجموعتين «إيزيفن» (Easyfun) و «أنتيكويتي» (Antiquity) يقدم كونز الدليل الحي على أن مستقبل الرسم يكمن في الصورة الفوتوغرافية وأن عهد اللوحات المرسومة قد ولى. ليؤكد لنا أن الفنان في زمن التكنولوجيا الرقمية والسوبر نانو، يمكنه أن يلتقط مجموعة من رسومه بواسطة الكاميرا الرقمية المتطورة ثم اللجوء إلى عملية مونتاج أي تركيب ماهر وتقني متفوق، لتأتي النتيجة النهائية في شكل تركيب مرسوم ومصور في آن واحد، باهر للعين وأكثر إثارة من الرسم المجرد. يذكر أن المعرض يستمر حتى 27 نيسان (أبريل) 2015.