لم يكن أحد يتوقع أن يعين الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاميا يدافع عن العضوين اللذين تسببا في حادثة أودت بحياة شابين في الرياض، فضلا عن أن من المستحيل أن يتصور أحد أن يتصدى الرئيس نفسه للدفاع عنهما، أو التماس العذر لهما؛ ذلك أن الناس لا زالت ترى أن الهيئة أكثر نزاهة من أن تتولى الدفاع عن المجرمين، والرئيس أكثر وقارا وفضلا عن أن ينافح عنهم. لذلك كله لم يكن هناك معنى لكي يصرح الرئيس العام للهيئة عدم تدخله في القضية ورفضه تعيين محام للدفاع عن العضوين اللذين تسببا في قتل الشابين، غير أن الناس لا يكفيهم ذلك، كما لا تقنعهم براءة الهيئة من فعل عضويها ونزاهة الرئيس عن ارتكاب الدفاع عن عضوين ينتميان للجهاز الذي أصدر، الناس لا يكفيها ذلك؛ ذلك أن على الهيئة أن تعتبر هذين الخصمين عدوين لدودين لها ما داما قد استغلا وظيفتيهما وخالفا التعليمات المشددة المبلغة لهما وعمدا إلى تشويه صورة الهيئة لدى الرأي العام في مناسبة عزيزة على الناس جميعا هي مناسبة اليوم الوطني. على الهيئة وهي التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أن تكون هي من يتصدى لهما، وهي من تعين محاميا يطالب بحق المواطنين القتيلين ما دامت الهيئة ترى أن ما فعله العضوان منكرا لا يقره شرع ولا يتقبله نظام. الهيئة هي المسؤولة عن أخطاء موظفيها، واعتذار رئيسها لا يكفي وتعليماتها لأعضائها لا تفي بالغرض ولا تحمي الناس من تصرفات المتجاوزين من أعضائها، ومسؤوليتها هذه تقتضي جدية في محاسبة الأعضاء المتجاوزين، وجدية في حماية الناس منهم. وما لم تقم الهيئة بإصلاح أعضائها وتعليمهم معنى النظام فإن أحدا لا يمكن له أن يلوم الناس إن ظنوا بالهيئة الظنون، وطالبوا بما لا ينبغي لهم المطالبة به على النحو الذي تشهده المجالس ومواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام.