تواجه منتقدو وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ومؤيدوها بخصوص نشر تقرير كشف عن تفاصيل مروعة لممارسة عناصرها التعذيب على معتقلين في إطار «الحرب على الإرهاب». وكشف التقرير الذي نشره مجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي أن وسائل الاستجواب التي اعتمدتها وكالة الاستخبارات الأميركية مع مشتبه بهم من تنظيم القاعدة شملت الضرب وحقن السوائل الشرجي والحرمان من النوم، وكانت أكثر عنفا مما أعلن ولم تؤد إلى استخراج معلومات مفيدة. أول من أمس دافع نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني بحماس عن البرنامج مشيدا بعناصر سي آي إيه الذين طبقوه ووصفهم بأنهم أبطال. وصرح تشيني الذي تولى منصبه إبان رئاسة جورج بوش الابن بين 2001 و2009 لبرنامج «ميت ذا برس» «أقول بكل ارتياح إنه ينبغي الإشادة بهم، يجب منحهم أوسمة». وأضاف: «وأنا مستعد لتكرار ذلك». غير أن أحد أكثر منتقدي التعذيب شراسة، السيناتور جون ماكين الذي تعرض بنفسه إلى معاملة سيئة جدا لدى أسره في حرب فيتنام، أكد أن معاملة المعتقلين بهذه الطريقة خطأ. وصرح السيناتور الجمهوري في برنامج «فيس ذا نيشن» على قناة «سي بي إس» «جرت انتهاكات لمعاهدات جنيف لمعاملة الأسرى». ونشر ديمقراطيو مجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي، تقريرا حول التحقيق في أساليب الاعتقال والاستجواب في معتقل غوانتانامو وسجون سرية في مواقع حول العالم. وشدد تشيني على أنه «لا يمكن مقارنة» تلك الأساليب بمقتل مواطنين أميركيين في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، مضيفا أن سي آي إيه «تجنبت بعناية» ممارسة التعذيب. وأضاف: «التعذيب هو ما مارسه إرهابيو القاعدة على 3000 أميركي في 11 سبتمبر». لكن آخرين ومن بينهم ديمقراطيون كثر، أكدوا أن الوكالة تعمدت تضليل الرأي العام بخصوص حدة وحجم ما سمته «برنامج الاستجواب المشدد». وصرح السيناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس أنه تم إخفاء طبيعة البرنامج الحقيقية عن الرأي العام والنواب ومسؤولين كبار في البلاد. وصرح في برنامج «فيس ذا نيشن» على قناة سي بي إس «أمضينا وقتا مطولا في التدقيق في البرنامج وقيل لنا إنه أمر ثانوي جدا». وتابع واصفا كيف قللت الوكالة من أهمية ما تفعل «ما إن يلمسوا المياه يعترفون». وصرح الديمقراطي الآخر رون وايدن العضو الكبير في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ أن الوقت ربما حان لإقالة مدير سي آي إيه جون برينان، الذي ألقى في الأسبوع الفائت خطابا غير مسبوق للدفاع عن الوكالة. وقال وايدن إن الوكالة تعاني من «ثقافة إنكار»، معربا عن قلقه من إعادة استخدام الوسائل هذه في حال بقي الذين أجازوها في مناصبهم. ووصف التقرير الذي تألف من 500 صفحة، بالتفاصيل المؤلمة، وسائل تعذيب قاسية من بينها الإيهام بالغرق وتعليق المعتقلين لساعات من أيديهم ووضعهم في صناديق صغيرة تشبه النعوش. كما خلص إلى أن الوكالة تعمدت تضليل الكونغرس والبيت الأبيض بخصوص قيمة المعلومات التي جمعها المحققون. وكشف عن ممارسة فظيعة بشكل خاص هي «حقن السوائل الشرجي» التي وصفها منتقدوها بأنها تعديل لطريقة تعذيب من القرون الوسطى قضت بالإفراط في ملء الأمعاء بالمياه للتسبب بالألم. وشكك التقرير في فعالية هذه الأساليب في الحصول على معلومات استخباراتية مفيدة. إلا أن تشيني رفض ذلك بشدة، مؤكدا أن تلك الأساليب «نجحت، بل نجحت بالكامل». وكرر نائب الرئيس السابق تصريحات أدلى بها في الأسبوع الماضي، مشددا على أن الرئيس آنذاك جورج بوش الابن كان مطلعا على تفاصيل البرنامج في أثناء تنفيذه. وصرح «هذا الرجل كان عالما بما نفعل.. لقد أجاز الأمر ووافق عليه». وانتقل الجدال في الأيام الأخيرة من مبررات البرنامج إلى صوابية نشر تفاصيله. فقد اقترح كثير من الجمهوريين أن الولايات المتحدة ومصالحها في الخارج قد تتعرض لهجمات انتقامية بسبب نشر تفاصيل حول طريقة معاملتها للمعتقلين. غير أن ماكين أصر على أن نشر التقرير أمر صائب. وصرح «إننا نرتكب الأخطاء. لكننا نراجعها، ونتعهد ألا نكررها إطلاقا».