اتهمت الأمم المتحدة أمس على حد سواء القوات الأوكرانية والمتمردين الموالين لروسيا بممارسة «التعذيب» بحق المدنيين في شرق أوكرانيا الذي يشهد نزاعا داميا منذ 8 أشهر. وفي تقرير جديد حول حقوق الإنسان نشرته أمس، أعربت الأمم المتحدة أيضا عن الأسف من تدهور الحياة المعيشية لـ5.2 مليون مواطن في مناطق النزاع في عز فصل الشتاء، لا سيما أنهم يعيشون في منازل بلا تدفئة ولا ماء بعد أن أتت المعارك على تلك المنشآت. وأفاد التقرير بأن «الوضع أصبح معقدا جدا بالنسبة إلى السكان، لا سيما المسنين منهم والأطفال والذين تتكفل بهم المؤسسات العامة التي أصبح عمل معظمها مهددا بالتوقف». وفي نوفمبر (تشرين الثاني) توقفت الحكومة الأوكرانية عن تأمين الخدمات الاجتماعية في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وقال التقرير الدولي إن نحو 1300 شخص قتلوا في الصراع الانفصالي بأوكرانيا منذ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأضاف التقرير أن كثيرين ممن يعيشون في شرق البلاد الذي يسيطر عليه الانفصاليون يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة. وحتى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، قتل 4707 من المحاربين والمدنيين منذ سيطر المتمردون الموالون لروسيا على مناطق شرقية قرب الحدود مع روسيا في أبريل (نيسان) الماضي. وأضاف التقرير أن من بين إجمالي القتلى نحو 30 في المائة ما يعادل 1357، وتم تسجيل وفاتهم بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن في الخامس من سبتمبر، وقد يكون بعضهم قتلوا قبل هذا التاريخ. ورغم تراجع العنف في الأيام الأخيرة فإن القصف يخرق الهدنة التي اتفقت عليها قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليون، الأمر الذي يفاقم أزمة إنسانية خلفت الكثير من المدنيين دون رعاية اجتماعية مناسبة. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد بن الحسين في بيان: «الصراع دخل شهره التاسع والوضع أصبح مزريا بشكل متزايد للسكان الذين لا يزالون يعيشون في الشرق». ولفت التقرير إلى أن «جهود الحكومة من أجل حماية سيادة الأراضي الأوكرانية واستعادة النظام في مناطق النزاع، رافقتها اعتقالات تعسفية وممارسات التعذيب واختفاء أشخاص يشتبه في تورطهم في الانفصال والإرهاب»، كما ورد في التقرير أنه «يبدو أن كتائب متطوعين أو أجهزة الأمن الأوكرانية (سي بي يو) ارتكبت معظم تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان»، كما اتهمت الأمم المتحدة المتمردين بأنهم أقاموا دولة إجرامية في المناطق الصناعية التي يسيطرون عليها في دونيتسك ولوغانسك بدعم مقاتلين أجانب، في إشارة إلى قوات روسية من النخبة التي تنفي موسكو وجودها هناك. وجاء في التقرير: «بما أن احترام القانون والنظام يتراجع أكثر فأكثر، ترتكب مجموعات مسلحة مدعومة بمقاتلين أجانب تجاوزات مثل الاغتيالات والتعذيب والخطف مقابل فدية والعمل القسري». وغالبا ما تتهم منظمات الدفاع عن الإنسان القوميين المتطرفين الذين يقاتلون إلى جانب الجيش الأوكراني أيضا بارتكاب تجاوزات، بعد مشاركتهم بقوة في حركة الاحتجاج في كييف التي أدت إلى حمام دم وسقوط النظام الموالي لروسيا في فبراير (شباط). وقطعت الحكومة المركزية في كييف العلاقات المالية مع الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون، وألغت مدفوعات المعاشات والرعاية الاجتماعية بسبب مخاوف من أن تستخدم هذه المدفوعات في تمويل عمليات الانفصاليين العسكرية. وتقول الأمم المتحدة إن من المرجح أن يؤدي هذا القرار إلى زيادة المعاناة الاقتصادية والاجتماعية للناس في الشرق لأن السلطات الانفصالية لم تنظم أمورها المالية بعد، رغم رغبتها في الحكم الذاتي التام، الأمر الذي خلق فراغا مؤسسيا. وقال المفوض السامي: «أوضاع الكثير من الناس بمن فيهم المحتجزون رغما عن إرادتهم في مناطق تحت سيطرة الجماعات المسلحة قد تمثل خطرا على الحياة».