من غير المعقول أن تفعل نفس الشي مرة بعد مرة وأن تتوقع نتائج مختلفة (مقولة يعتقد أنها لالبرت انشتاين بتصرف). منذ أربعين سنة ونحن نتطلع إلى تفعيل تنويع مصادر الدخل بما يواكب كل مرحلة! ونسأل: ما مدى جدوى ما تحقق؟ وما مدى تغير طريقة تفكيرنا أمام المتغيرات؟ لسنا هنا للوم أحد ولكن بما أن المسؤول والكاتب يشتركان في حب البلد لمَ لا نقوم بما يسمى (عصف ذهني) Brain storming لإيجاد الحلول؛ فكتّاب الرأي ليسوا خصوماً للمسؤول بقدر ما هم مستشارون غير متفرغين والهدف الأسمى دائماً مصلحة الوطن ولا أحد يدعي امتلاك كامل الحقيقية بل هي مشاركة. كتب الكثيريون وأنا واحد منهم العشرات من المقالات خلال السنتين الأخيرتين نحذر من النفط الصخري ومن انهيار أسعار النفط وأهمية تنويع الاقتصاد عملياً ولكن البعض تجاهل ذلك ونكرر عدم إلقاء اللوم على أحد ولكن ألا يحق أن تسمع آراءنا ككتاب بعد أن تحققت توقعاتنا!؟ عموماً البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد ولكن الأهم لنتكلم عن الوقت الحالي ماذا علينا أن نفعل؟ الحقائق والأرقام تكشف حقيقية ما نملك من تنويع الدخل عملياً، والدليل على ذلك كيف تحول سوق الأسهم لدينا إلى إشارة مرور (أخضر وأحمر) بسبب انخفاض أسعار النفط، ويعيد السؤال إلى خطط وزارة التخطيط وإلى ما نراه من هذه المتابعة المستمرة لبورصة النفط! فبفضل الله تملك بلدنا قيادة حكيمة ذات نظرة استراتيجية تضع الخطط لكي يصل الوطن للعالم الأول بقفزات متسارعة لكن للأسف التنفيذ لا يرضي خادم الحرمين -حفظه الله- كما صرح مراراً ولا يرضي المواطنين فقد نشر خبر قبل فترة قصيرة يتحدث أن المشاريع المتعثرة حوالي 60 وأنها تكلف الوطن تريليون ريال! ولو كانت هذه المشاريع نفذت بوقتها لكانت دون شك غيرت وجة اقتصادنا ولم يكن ليقلق البعض على دخلنا!. عموما فالتنظير وحده لا ينفع فيجب القيام بخطوات سريعة لتحسين الوضع ومنها: 1- تسريع وتيرة المشاريع الاستراتيجية وإزالة التعثر ومحاسبة المقصرين أياً كانوا 2- الانتقال بسرعة من بيع النفط لبيع مشتقات النفط لأن هذا أجدى اقتصادياً 3-اسثمار جزء من موجودات ساما في مشاريع ذات عوائد مجزية ولا مانع من ترك الأغلبية في السندات المضمونة ولكن ليس كما هو الحال الآن الذي اشبه بالتجميد للاستثمارات 4- الاتجاه بقوة للثروة المعدنية وعلى معادن - ألا تعيد أخطاء سابك - فيجب التركيز على المخرجات والصناعات التحويلية أكثر من بيع المعدن الخام وكمثال بسيط بيع قطعة غيار من الألمنيوم قد يساوي سعر طن المنيوم خام! 5- على ساما وضع ضوابط عالمية مرنة لجلب الاستثمارات العالمية وجعل المملكة المركز العالمي للمصرفية الإسلامية خصوصاً في وجود البعد الديني وثقل الاقتصاد السعودي. 6- الإسراع بتفعيل شركة الاستثمارات الصناعية ومضاعفة رأس مالها ومشاريعها 7- التركيز على السياحة بأنواعها العادية والدينية خصوصاً أن القطاع السياحي عالمياً من أكثر القطاعات خلقاً للوظائف. هذه الخطوات ممكن تحقيقها على المدى القريب بنتائج مشجعة إذا أزحنا البيروقراطية عنا. أما الخطوات على المدى البعيد فهي التحول العملي لاقتصاد معرفي وجعل المملكة مركز نقل عالمي سواء كان برياً مثل الجسر البري أو بحرياً من خلال موانئها المتعددة وهناك الكثير لعمله.. كتبنا عن تنوع الاقتصاد وسنعود نكتب لأنها مصلحة وطن قد لا تكون هناك استجابة سابقا لتحذيراتنا ولكن ربما انهيار أسعار النفط يوقظ الهمة في الجميع، فنحن في سفينة واحدة.