من المؤكد أن مباريات "الديربي" دائما تقلع بالفائز في سماء الأفراح، وتقتلع الخاسر من جذوره، وتدخل أنصاره في نفق التصادم. هذا ديدننا، وهو ما واكب خسارة الهلال أمام غريمه النصر الذي واصل تفوقه للعام الثاني على التوالي في مجمل النزالات، وتقدم بما يعزز خطواته للمحافظة على لقبه بطلا لدوري جميل، علما بأن نتيجة المباراة العادلة هي التعادل، ولكن النصر خطف الفوز بنفس طريقة الدور الأول الموسم الماضي في ظل تبادل الفريقين السيطرة والأداء، وفرط الهلال في أول نصف ساعة كانت كفيلة بتوثيق مستواه القوي وفرصه الجيدة، اثنتان منها في العارضة والقائم، قبل أن يعود النصر ويضرب عمق الهلال بالجزائية للمتخصص محمد السهلاوي. وفي هذا اللقاء كتب النصر مزيدا من التطور على الصعيد العام، ولا سيما أن رئيسه اتخذ قرارا جريئا بتغيير المدرب كانيدا وهو في القمة وإعادة داسيلفا، وبالتأكيد فإن الفوز على المنافس ومواصلة الصدارة من أهم عوامل المصادقة على النجاح حتى وإن كان النصر لم يقدم مستواه الجميل الموسم الماضي. الأمير فيصل بن تركي يسير بخطى واثقة وقوية منذ سنتين وبعد أن استوعب سلبيات ومشاكل الأعوام الثلاثة الأولى، ليس على صعيد الفريق الأول لكرة القدم فقط، بل حتى بعض الألعاب المختلفة، حيث أعاد للسلة حضورها هذا العام من خلال عضو الشرف محمد بن عصاي، وهناك ألعاب في ذات الطريق، أضف إلى ذلك علاقته بمن حوله وحضوره الفاعل شبه اليومي. أما الهلال فإنه يسير بطريق عكسي دون أن تكلل الجهود الحثيثة للرئيس الأمير عبدالرحمن بن مساعد بالنجاح وبضخ مالي ربما لم يدفع في ناد آخر، والسلبيات تتفاقم ولا سيما على صعيد المدربين كأهم الأسباب في فقد كثير من البطولات وخسارة مباريات حاسمة عدا نهائي دوري آسيا أمام سيدني، وكذلك في فترة جيريتس حين خسر في الدور نصف النهائي بالحظ. وفي ديربي أول من أمس فإن "ريجي" كرر أخطاءه في التغييرات وقراءة الفريق المنافس في الشوط الثاني، ودان نفسه بعدم الاهتمام بالبدلاء، ومن بينهم من صعدوا من الأولمبي وكانوا ضمن قائمة سامي الجابر العام الماضي، وكرس تناقضه في تعامله مع الثلاثي حمد الحمد ويوسف السالم وعبدالعزيز الدوسري، ولم يحد من أنانية بعض اللاعبين الذين يكررون أخطاءهم. وفي هذا الصدد مازلت عند رأيي في أن أسوأ قرار في تاريخ نادي الهلال هو إقالة سامي الجابر لأسباب غير فنية وبطريقة مسيئة برغبة ومباركة وتآلف الغالبية ممن كانوا في الاجتماع الشرفي الشهير بعد نهاية الموسم الماضي، مغفلين جميع ألعاب النادي. وفي هذا المقام لست مع المطالبين بتنحية "ريجي" بسبب خسارة ديربي أو حتى بطولة آسيا التي لم تكتب لزعيم البطولات، وربما بتعديلات عناصرية طفيفة ومعالجة السلبيات التي قد تكون خافية على الإعلام والجمهور، ستتنامى الإيجابيات في أهم منعطف قبل بدء النصف الثاني من الموسم الحافل بالبطولات والمشاركات الصعبة على الجميع. أما على صعيد النادي فإن الفئات السنية مازالت تئن تحت وطأة تفرد رئيس أعضاء الشرف الأمير بندر بن محمد دون تطوير، والمشاكل تتفاقم سنة بعد أخرى. والألعاب المختلفة صارت في أسوأ مستوياتها عدا الكاراتيه والتايكوندو والأسكواش التي قد تلحق بغيرها بعد استقالة الدكتور إبراهيم القناص. وللعلم فإن السلة كانت تنافس بقوة، ولكنها خسرت ابنها البار فهد الحجيري الذي أعاد صياغتها قبل أن يضايقوه ويبتعد لتتدحرج إلى أسوأ مرحلة في تاريخها..! والطائرة تسير على طريقي السلة والفئات السنية لكرة القدم بعد أن كانت تحلق على أعلى ارتفاع. ومن الإيجابيات الساطعة تعدد الرعاة بعوائد كبيرة تواكبها ديون لا تنتهي..! وكذلك العمل الجبار لإدارة المسؤولية الاجتماعية بدعم الإدارة وبقيادة المتفاني سعود السبيعي. كثيرون تسوقهم العاطفة للمطالبة باجتثاث كل شيء، دون اهتمام بالتوقيت، وأحيانا تتراكم السلبيات فيصعب الحل، وهنا الاختبار الحقيقي لمن يقول: (أنا لها)..! ----------------- * (الوطن) 15/12/2014