اتفق خبراء عقار واقتصاد في المملكة على ان التشريع الجديد الذي ناقشه مجلس الشورى أخيرًا بإسناد تنفيذ أعمال التسجيل العيني للعقار إلى قطاع استثماري وفق ضوابط ومراقبة من وزارة العدل، سيلغى تمامًا، عمليات تزوير صكوك الأراضي التي انتشرت في الآونة الأخيرة بالمملكة لا سيما في جدة على وجه التحديد، وأشاروا إلى أن الأخبار التي سمعوا بها من قبل عن إدانة عدد من المتورطين بقضايا تزوير لن تسمع مرة أخرى بعد أن يتم إسناد التسجيل العيني إلى القطاع الخاص بسبب جدية العمل في هذا القطاع والأرشفة الإلكترونية. وقال خالد بارشيد نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة المنطقة الشرقية لـ «المدينة»: من المعروف أن المملكة ذات مساحة جغرافية كبيرة، ووزارتي العدل والشؤون البلدية والقروية عملتا على مشروع السجل العيني في بداية الأمر كمشروع صغير جدًا بدأ في حريملاء، ولكن على مستوى المملكة ككل يتطلب الأمر جهودًا كبيرة من الوزارتين في الوقت الحاضر، ومن خلال ما تم خلال العشر سنوات الفائتة اتضح ضعف الطاقة الوظيفية لانجاز عمليات التسجيل العيني وهذا ما جعله يبدأ في حريملاء ويكون العمل فيه بطيئًا جدا». وأضاف بارشيد «من وجهة نظري سوف تسند مهمة التسجيل العيني إلى شركة تستثمره تحت ضوابط ولوائح معينة خاصة بالتسجيل تحت إشراف من وزارتي العدل والشؤون القروية وهذا سيخفف العبء على الوزارتين ويسرع العملية العقارية وضبط الصكوك وتسجيلها بشكل عملي عال» وقال: «أنا كمواطن الآن اود ان اسجل صك الارض او ما شابه عن طريق هذه الشركة وتعطيني اثباتات تحت انظمة ولوائح التسجيل العيني ويكون الصك مثبتا، لأنه سيكمن بكل تأكيد تضارب الصكوك والتزوير فيها، وأحداث جدة الاخيرة من تزوير صكوك لأراض شاهدة على ذلك، ومع وجود التسجيل العيني لن تعود هذه الاعمال المشبوهة، وتداخل الاراضي على سبيل المثال تحت صك واحد فقط، وعن الاقتراح الذي صدر من اعضاء مجلس الشورى بخصوص هذا الامر ولأنهم مواطنون قبل كل شيء فهم يعرفون كل المشكلات التي تصدر بعدم وجود مثل هذا القرار، والتسجيل العيني، أقر قبل عشر سنوات ولم ينفذ سوى في حريملاء وشمال الرياض حاليًا، وإعطاء المسؤولية إلى قطاع استثماري برأس مال معين سيكون له الأثر الكبير على العملية العقارية بشكل عام خصوصًا بعد ان يكون هناك ممثلون من وزارتي العدل والشؤون القروية في هذا القطاع الاستثماري الذي ستسند له المهمة الجديدة. وفيما يتعلق بالرسوم المالية التي سيجنيها القطاع الاستثماري الجديد بعد إسناد المهمة له قال: «ستكون هناك رسوم بسيطة تؤخذ من المواطنين، ولكن هذه الرسوم هي التي سيستفيد منها القطاع الاستثماري في تطوير أعماله في التسجيل العيني، خاصة أنه من المؤكد عدم وجود عدد كاف من الموظفين في الوزارتين لمسح كل ارض على الطبيعة، ولكي تصدر سجل عيني لا بد ان تعدل الصكوك القديمة ومطابقتها بالواقع الحالي وهذا يحتاج الى كادر كبير على مستوى المملكة، ولعل هذا الامر «التسجيل العيني» بعد تفعيله سيخدم المواطن في ايجاد صكوك سليمة خالية من المشكلات ومحددة بالاحداثيات الصحيحة بدءًا من كونها أرض فضاء الى ان تصبح عمارة سكنية أو أي شيء آخر بعيدا عن التخبطات التي حدثت في الماضي». من جهته قال عبدالله الاحمري رئيس لجنة التثمين العقاري بغرفة جدة لـ «المدينة»: إن هذا التوجه صائب لكون قرار التسجيل العيني صدر قبل عدة سنوات ولم ينجز منه سوى انه بدأ في حريملاء وجزء من منطقة الرياض، وبعد ان تم التوجيه بإسناد التسجيل العيني الى القطاع الخاص، اعتقد انه ستكون هناك مرونة عالية في العمليات العقارية، وهناك أيضًا فوائد كبيرة جدًا منها معرفة المستحقين للإسكان الذين ليس لديهم مساكن، لأن التسجيل سوف يظهر كل شبر وكل متر في انحاء المملكة سواء أراضٍ حكومية أو أملاك خاصة أو مساكن فردية، وسيوضح التسجيل سجلًا عقاريًا مكتملًا وعدم وجود ازدواجية في الصكوك على موقع واحد وهذا ما نعانيه في المملكة وقد تصل إلى 3 صكوك لأرض واحدة، وهذا الأمر من إثر غياب السجل العيني وعدم الأرشفة الإلكترونية، كما سيقلل من عمليات التزوير لأن هناك عقارات مسجلة بأسماء أشخاص في البلديات فقط ولكن هل لها صكوك أو تم إثباتها وتسجيلها أو أن لها صكوكًا صحيحة وسليمة.. كل هذا سوف يكشفه التسجيل العيني بعد إسناده للقطاع الخاص بحيث يكون الامر ذي فائدة اعم واشمل في العملية العقارية من خلال الاحداثيات والاقمار الصناعية لعمل القياسات الصحيحة للعقارات، كما أن أزمة الصكوك المزورة ستنتهي إلى الأبد. كما اكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين ان القرار الامثل لمعالجة البروقراطية الحكومية فيما يتعلق بالتسجيل وكتابات العدل هو الخصخصة وان تقوم شركات القطاع الخاص بالتنفيذ وفق ضوابط الوزارة المعنية، وستتعامل وفق التعامل مع نظام الشركات الذي يتسم بالكفاءة والانجاز. وضرب البوعينين مثالًا على ان الرهن العقاري بقي معلقًا عدة سنوات والسبب وزارة العدل وقال: «لأننا نتحدث عن شؤون مدنية وليست شؤونًا شرعية ومتعلقة بالنظام الاداري ومثل هذه المسؤوليات اذا اسندت الى وزارة العدل من المفترض ان تكون ادارات مستقلة عن القضاء وفق التعامل المدني لا الشرعي». وأوضح: «أنا مع القرار وهذا سيضمن وضع انظمة تقنية حديثة متوافقة مع الانظمة العالمية وسيضمن ايضا وقف الهدر من ميزانيات الدولة لتطوير القضاء، كما انه ستكون هناك سهولة في تسجيل المعلومات العقارية لتكون واضحة للجميع في حال استفساره عن اي عقار كان، اضف الى ذلك ان هذه الخدمة مدفوعة الثمن وستضطر هذه الجهة الى تحسين الخدمة خشية أن تفقد هذا الامتياز في تقديم مثل هذه الخدمات العقارية، كما أن الدولة ستجني فوائد ربحية من هذه الشركات بدلا من التصرف من الميزانيات.