تجد الكاتبة السورية هيفاء بيطار صعوبة، بل استحالة، في أن تكتب رواية، وهي «على فوهة بركان». كيف تخترع أبطالاً فيما الأبطال الحقيقيون هم هؤلاء المهمشون الذين تحوّل وجودهم إلى تنويعات للمآسي؟ الكتابة عن المهمشين العظماء إنما هي ثورة على الذات ضد الخوف، ذاك الخوف المزمن والمتجذّر في القلوب منذ عقود. وفي هذا السياق، أصدرت هيفاء بيطار كتابها «وجوه من سورية» (دار الساقي). وفيه ترصد الكاتبة تجارب أطفال سورية ونسائها وشيوخها، وتحكي حقيقة ألمهم وموتهم بالبساطة التي تموت فيها الفراشات المحترقة بالنور. إنهم «عظماء» لأنهم لا يُدركون عظمتهم ولا يعلمون أنّهم سيضعون حجر الأساس لوطن سيُعلّم العالم قوّة القيامة وقوة الحق، لأنّ الحقّ وحده الطريق إلى الحرية. «الوجوه السورية» التي نُقابلها في كتاب بيطار هي وجوه أمهات يعشن هاجس غياب أبنائهن، وأطفال مذعورين من صوت المدافع... إنّها وجوه تحفر بملامحها لحظات الثورة السورية الحقيقية.