أهم إنجاز في قمة الدوحة أنها عقدت!، فقد كان في انعقادها دليل عملي على احتواء أكبر أزمة سياسية ودبلوماسية داخلية في تاريخ مجلس التعاون، لقد اقترب الخلاف الخليجي - الخليجي خلال الأشهر القليلة الماضية من نقطة اللاعودة، ولكن في نهاية الأمر لم يصح إلا الصحيح فنحن إخوة وأبناء عمومة وجيران ومصلحتنا تكمن في بقائنا صفا واحدا في مواجهة الرياح العاتية التي عصفت بعالمنا العربي وأعادت أقوى الدول فيه ألف عام إلى الوراء. خلال سنتين فقط انتقل مجلس التعاون من حالة الدعوة إلى الاتحاد بين دوله إلى حالة الخلاف العاصف بين أعضائه الذي كاد أن يهدد حتى بقاءه كما هو عليه الآن.. فهل تتخيلون حجم المسافة؟، لذلك يكون مجرد عقد القمة الخليجية في الدوحة إنجازا لا يمكن إغفاله، صحيح أن المصالحة الخليجية قد تمت في الرياض برعاية حكيمة من خادم الحرمين الشريفين وبعد جهود مشهودة من سمو أمير الكويت ولكن عقد قمة الدوحة في موعدها هو الدليل العملي على أن مجلس التعاون انتقل من حالة التخاصم والتنافر إلى حالة التكاتف والتلاحم.. كان لا بد من هذا الترانزيت لتحقيق هذه الانتقالة.. حتى لو لم يتجاوز وقت القمة بضع ساعات. المهم اليوم أن نضع الخلاف الخليجي خلف ظهورنا ولا نلتفت إليه بين فترة وأخرى كي لا يعيق تقدمنا، ولكن هذا لا يعني أن ننساه فقد كاد أن يفرقنا في اللحظة التي كنا فيها بأمس الحاجة للتلاحم والتعاضد في مواجهة الأخطار التي أطلت برؤوسها من كل الاتجاهات، لقد كانت فترة الخلاف الخليجي - الخليجي قلقة ومؤسفة جدا ولكن النتائج أثبتت أن ما زرعناه خلال العقود الثلاثة الماضية من أشجار المحبة والتعاون والتواصل الرسمي والشعبي كانت أقوى بكثير من أن تقتلعها رياح الخلافات مهما كانت قوية. لقد أكرمنا الله بزوال هذه الغيمة الكئيبة.. ونحن جميعا - دولا وشعوبا - محظوظون ببقاء مجلس التعاون الذي لا نملك تكتلا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا غيره، فالجامعة العربية تكاد أن تصبح تراثا والأمريكان اليوم لم يعودوا الأمريكان الذين عرفناهم وعرفونا، لذلك من واجبنا جميعا أن نستغل ساعات الترانزيت القليلة في التفكير بهدوء: أين كنا؟.. وإلى أين سنذهب؟.. وفي الحالتين ليس لدينا سوى طائرة مجلس التعاون!.