يرفض بعض "هوامير" العقار أي حديث يخالف حديثهم حول القطاع العقاري في السعودية، ويرفضون أي تحليل أو رأي يناقض ما يقولون، ويصفون مخالفيهم بـ "المتطفلين" الباحثين عن الشهرة، وأن آراءهم غالبا ما تكون صادرة عن جهل أو مدفوعة بالسعي لتحقيق مصالحهم الخاصة. هم - أي هوامير العقار - لا يكتفون بامتلاك الأرض واحتكارها والتحكم في أسعارها، بل يريدون احتكار "الرأي" أيضا، فهم وحدهم من يفهم ومن يحق له الحديث عن القطاع وإبداء رأيه، أما البقية - ولو كان بعضهم قد أمضى جل حياته في دراسة علم الاقتصاد - فمجرد متطفلين ومرجفين. حتى رجال الإعلام لم يسلموا من نبذ هؤلاء الهوامير المحتقنين، فهم - في نظرهم - ضيقو الوعي والفهم والإدراك، ويرونهم مجرد حاقدين على القطاع وعلى رجالاته، ولا غاية لديهم إلا تدمير السوق والمساس بهم وبثرواتهم. طبعا هم يرفضون كل رأي يرونه لا يخدم تجارتهم ولا يسهم في زيادة ثرواتهم، ويشيدون بكل "طبل" يقرع ويدفع الأسعار إلى الأعلى. لا شك أن الجميع من خارج القطاع العقاري من مستهلكين وإعلاميين واقتصاديين يتمنون أن تنخفض أسعار العقارات والمساكن في السعودية، حتى إن مسؤولين في عدد من الوزارات ذات الشأن تحدثوا عن ضرورة وقف ارتفاع الأسعار، ويرون أن انخفاضها يخدم اقتصاد البلد، وهم لا شك مدركون أن الارتفاعات الكبيرة في الأسعار تهدد الطبقة متوسطة الدخل بالسحق، وهو أمر له انعكاسات سلبية ستضر حتما بالاقتصاد. ولو آمنا بأن من يتحدث عن الانخفاضات وقربها هم من المتطفلين والساعين لتحقيق مصالحهم الخاصة، وهو قول يردده بعض صناع العقار في البلد، فهل يريد هؤلاء – أي تجار العقار – أن يقنعوا الرأي العام بأنهم لا يتحدثون بالشكل الذي يخدم مصالحهم ويحقق أهدافهم؟! إن كان بعض هوامير العقار يجزمون أن من يخالفهم الرأي يبحث عن مصالحه، فالطرف الآخر أيضا يراهم يقومون بالأمر ذاته، فكل طرف يرمي التهمة على الآخر. عني أرى أن القطاع العقاري يفتقد للمختص "المحايد" الذي يمكن أن يعطي رأيا علميا لا يبحث عن مصالحه الخاصة، وبزعمي أن الجدير بتبوؤ هذا الموضع هم أساتذة الجامعات المتخصصين في الاقتصاد، فالعقار جزء من الاقتصاد، ولا يمكن فصله أبدا. أساتذة الاقتصاد في الجامعات السعودية مقصرون في توعية الشارع حول توجهات القطاع العقاري، وينأون بأنفسهم عن الحديث عنه، وإعطاء آراء محايدة تخدم المستهلك والسوق أيضا، وهنا يأتي دور الإعلام في حثهم والسعي لأخذ آرائهم حول مستقبل القطاع العقاري السعودي، فهم الأكثر إدراكا ودراية بما يتعرض وسيتعرض له القطاع العقاري، بحكم التخصص.