من «المربد» الى «الجسر الثقافي» مساحة من الزمن عبرت الكثير منها ووقفت على ابعادها منذ كنت طالبا وحتى الآن، تجربة تحمل كل ايجابياتها وسلبياتها وآلامها ولكنها تبقى مساحة مضيئة في حياتي. (اليوم) التي قضيت فيها مساحة من العمر عرفت من خلالها الكثير من مثقفي هذا الوطن، وادركت طموحاتهم وما قدموه هنا وللساحة العربية من فكر وابداع. اسماء كثيرة يمكن الوقوف عندها ولكني لن اسردها حتى لا انسى احدا. ولكني هنا سأتوقف امام رجل عشق الصحافة والفكر ولتجربتي الشخصية معه اعلم انه كان يدفع من اجلهما الكثير، ولاننا هنا نحتفل بمرور خمسين عاما على انطلاقة (اليوم) فإنني يجب ان اشير اليه. فقد كان بأخلاقه وروحه الطيبة يستقطب الموهوبين والكتاب والمبدعين ويتيح لهم مساحة من الوقت، ومساحة عبر صفحات اليوم الثقافي التي تلت «المربد» في التجربة وجمعتنا معه وحوله وقدمت الكثير للساحة واضاءت اسماء عديدة. ولأن الثقافة ليس لها وطن كان اليوم الثقافي ملتقى للعديدين من ابناء الوطن العربي، وكانت الثقافة قضية تلك القضية بلورها الراحل شاكر الشيخ في مقالين له تحت عنوان "كلمات في الهامش" الاول في 21 ابريل عام 1993 والثاني في 28 من نفس الشهر. يقول شاكر وهو ينتقد صحافة الارتزاق التي لم تتناول موضوعا سياسيا كان او اجتماعيا او ثقافيا الا ضمن تبعية من يعطي اكثر. انها تسعى الى الكسب على حساب القيمة وقد اتخذت المادة الفنية اهدافها التجارية مما ساهم في تكريس النظرة الدونية الى الفنون والآداب. ويضيف: لذا يظل الفن والفنان الحقيقي العملة النادرة اليوم.. اننا ندعو هنا الى ان تعود الفنون العربية الى اصالتها الى حقيقتها الاولي البكر ويمضي شاكر مؤكدا على دور الثقافة في المجتمع. ويعرج الى ثقافة اليوم فيعدد دون تحيز او تعلق بافكار تمجيد الذات والانا من عملوا ويعملون معه، ومنهم كاتب هذا التقرير الذي قال عنه انه احد من ساهموا في تأسيس الملحق الثقافي لليوم عام 1985م. ان ثقافة (اليوم) منذ «المربد» كانت اهم عناصر العلاقة بين القارئ والمثقف العربي منذ «المربد» الذي انطلق عام 1976، ليتوقف لظروف طالت الواقع والجريدة، ولكن ثقافة اليوم لم تتوقف فانطلق "اليوم الثقافي" وتلاه «الجسر الثقافي» الذي رأى رئيس التحرير عبدالوهاب الفايز الذي تولى مسئوليته منذ عام تقريبا، ان يعيد تألق «المربد» ليكون 6صفحات بدلا من صفحتين ويحمل اسم «الجسر الثقافي» ايضا. ان الثقافة والابداع والعمل الفكري لم تعد ترفا بل واقعا حقيقيا، ان الناتج المعرفي للعالم من الثقافة يعادل تقريبا المنتج الصناعي، ولكم ان تعرفوا ان ما تصدره امريكا من معرفة وافلام وفكر وبرامج يوازي ما تصدره من سلع زراعية وصناعية دون تلوث للبيئة او تغيير في مجريات الحياة. ان "اليوم"التي انطلقت من غرف ثلاث في حي بسيط تؤكد ما نقوله، فهي لا تنتج السيارات ولا تصنع الملابس، ولكنها تصنع الخبر والفكر وتسهم في اضاءة الفكر والتنوير وتكشف للمجتمع كل ما يحيق به من ضرر. مسيرة تستحق حقا الوقوف عندها، وتستحق ان يتوجه الجميع بالشكر لكل من ساهم وقدم لكي تصل الى ما وصلت اليه الآن في تحد لكل الظروف والمعوقات.