×
محافظة المنطقة الشرقية

أين يشتري العرب عقاراتهم في لندن عام 2015؟

صورة الخبر

تاريخ الرقابة على الكتابة بدأ بمجرد شيوع الطباعة والنشر. ففي بريطانيا القديمة في عهد هنري الثامن (1529) تدخلت الحكومات والكنيسة في تحديد ما ينشر وذلك لإدراكهم قوة الكلمة في التأثير على الناس. وكان الخوف وقتها من الانقلابات السياسية والدعوات التكفيرية كبيرا. وفي 1538 صدر قانون بمنع أي عمل من النشر قبل موافقة الدولة، واستمرت الرقابة نشطة طوال القرن السادس عشر وكان الخوف كبيرا من المطبوعات المستوردة من الخارج بصفة خاصة. وظهرت بعدها قوانين تمنع إنشاء أي دار نشر خارج لندن باستثناء تلك التابعة لجامعتي أكسفورد وكيمبريدج وكان عقاب المخالفين شديدا يتراوح مابين الغرامة والسجن والتعذيب، وكانت «المشهرة» أو «البيلوري» مصير العديدين من المتمردين وهي هيكل خشبي مقام على عمود مرتفع بفتحات يخرج منها الرأس واليدان يعرض فيها المخالفون للقانون أمام الناس للتشهير بهم وردع أمثالهم، ومن أشهر ضحايا المشهرة في 1703 الكاتب المعروف دانييل ديفو كاتب «روبنسون كروزو». وكان العقاب أحيانا يصل إلى الإعدام شنقا كما في حالة الكاتب جون ماثيوز 1719 الذي اتهم بإثارة الشغب السياسي. وكان الكتاب والصحفيون والناشرون معرضين لذلك عند مخالفتهم للقانون. وفي عام 1655 بمجئ كرومويل منعت كل المطبوعات غير المرخصة وغير الرسمية. واستمر الوضع فحينما نشر ثوماس بن «حقوق الإنسان» في 1791 أثار ضجة اضطر بعدها للهرب من بريطانيا للنفاذ بحياته. ولم تبدأ القيود الرقابية على الأدب بالتحرر النسبي إلا إبان القرن التاسع عشر في بريطانيا. ولكن الرقابة على المسرح لم تكن أقل شدة. ففي البداية كانت بعض الفرق المسرحية ملكية لتسلية البلاط والنبلاء، كما كانت هناك مسارح متجولة حرة تكسب قوتها عبر الترحال والأداء الشعبي. وفي القرن السادس عشر بدأت حركة التحكم في المسرح وأصبح من الضروري أخذ تصريح لكل مسرحية ولكل ممثل لتعريف انتمائه. كان الممثلون الذين لا ينتمون لفرق نخبوية وقتها يصنفون كمتشردين حقراء. ورغم أن الملوك كانوا يستمتعون بالأداء المسرحي ومنهم الملكة اليزابيث إلا أن السلطات اللندنية كانت ضد المسرح عموما. وفي 1574 خلقت وظيفة في المحاكم البريطانية بمسمى «ماستر اوف ذا ريفلز» وهو قاضٍ يفحص مادة كل مسرحية تعرض في بريطانيا قبل الموافقة عليها. وكان هذا القاضي مخولا بسجن المخالفين أو تغريمهم أو تقديمهم للسلطات لعمل اللازم. وفي 1606 أصبح من مهامه الموافقة على طباعة النص المسرحي أيضا. وتحت حكم جيمس الأول وتشارلز الأول كانت كل المسارح اللندنية خاضعة للحكومة وكانت المحظورات عموما سياسية ودينية وكان هناك تساهل أكبر بالممنوعات الأخلاقية. ولكن ذلك لم يستمر طويلا، فحينما ظهر البيوريتانيون منعوا جميع أنواع التمثيل في 1642 واعتبروا المسرح تسلية غير أخلاقية تدعو إلى الفساد والانحراف فأغلقت المسارح وأحرق بعضها باعتبارها بؤرة للفتن والشغب والرذيلة ومنعت مثلها الكثير من وسائل الترفيه. وبمجئ (الريستوريشن) أو عهد الإصلاح في عهد تشارلز الثاني أصدر قانونا بالسماح لفرقتين مسرحيتين بالعمل ما بين مؤيد ومعارض. وبالتدريج خفت الرقابة قليلا عن المسرح. ونتيجة لذلك تميز مسرح العهد بردود فعل معادية للتزمت الذي سبقه فكانت المسرحيات تحتوي على حوارات وإيماءات اعتبرها الكثيرون غير أخلاقية كما بدأت الإشارات المحظورة سياسيا ودينيا بالتسرب إلى المسرحيات. أثارت موجة اللاأخلاقيات العديد من الناس ومنهم بعض الكتاب فكتب جيريمي كوليير في 1698 منتقدا سفه وانحطاط المسارح، وبعد ذلك بقليل أصدر قانونا بمنع مايخدش الحياء العام في المسرح. وطوال القرن الثامن عشر كانت هناك حساسيات من الإيماءات السياسية أو الدينية أو اللاأخلاقية بدرجات متفاوتة، ولكن الكتاب كعادتهم وجدوا منافذ مبتكرة للنقد الاجتماعي أو غيره. وكان من أهم مهام من يتقلد منصب اللورد شامبرلين ــ وهو أبرز الألقاب الحكومية الملكية ــ الرقابة على المسرح وإجازة المناسب فقط من النصوص المسرحية، واستمر هذا إلى عهد قريب نسبيا فلم يتخلص المسرح البريطاني من هذا الرقيب إلا في 1968 حينما صدر مرسوم بإلغاء التحكم في المسرح من قبل اللورد شامبرلين وعدم الحاجة للحصول على تصريحه للسماح للمسرحية بالعرض.. الانفتاح مصير حتمي في عالم يتحرك تجاه العولمة والتواصل اللذين يتحديان مقصات الرقيب وبروباجانداته.