فقدت الكرة في الساحل الشرقي جماهيرها في المدرجات، فغابت شمسها عن المستطيل الأخضر، وهي المعادلة الحتمية لكيمياء الأندية، فالقاعدة تقول (الحي يحييك)، والجمهور هو ذلك الحي الذي ينعش الفرق والمدرج والإعلام. غابت تلك الجماهير فتوارى نادى الاتفاق وقبله القادسية وقبله النهضة، وحاليا الخليج يئن من هذا الجفاء، ووضع ديربي الأحساء بين هجر والفتح لا أعتقد أنه سيختلف عن قاعدة الساحل الشرقي. معادلة النتائج تجلب الجمهور للمدرج، كلفت كرة القدم الشرقاوية الشيء الكثير، فهي أشبه بالجدل البيزنطي من جاء أول (الدجاجة ام البيضة) فالمسئولون عن فرق كرة القدم بالشرقية يرمون باللائمة على عزوف جماهيرهم، والعكس صحيح فالرد يأتي من الجمهور بأن سبب العزوف سوء النتائج. يمكننا أخذ موقف وسطي في الجدل البيزنطي القائم بين فرق الشرقية وجماهيرها، ولنبدأ من مواجهة اليوم في ديربي الأحساء بين النموذجي والشيخ بحضور جماهيري يبعث على التفاؤل بإحياء العادة القديمة لجمهور هذه المنطقة بالحضور المكثف بغض النظر عن النتائج، بل إن حضور جماهير قطبي الأحساء لمباريات فريقهما في دوري الدرجة الأولى في الماضي الجميل أكثر من حضورهما في دوري الكبار. واحة الأحساء بنخيلها الباسقات تحتاج تفاعلا جماهيريا ومجتمعيا أكثر مما هي عليه في وقتنا الراهن، خصوصا أن هذه الواحة صدرت نجوما كبارا لمختلف أندية المملكة، وما زالت تتفنن في تخريج المواهب، لكنها تحتاج فقط لوقفة تفاعلية جماهيرية من أجل تحفيز فرقها على الطموح والمثابرة، وفي كرة القدم ليس هناك مستحيل وقد برهن الفتح قبل ذلك على صحة هذه المقولة بفوزه بلقب الدوري وكأس السوبر. كرة الأحساء لا تحتاج إلا لجمهور يكون وقودا حقيقيا لدفع عجلة أنديتها، والغريب العجيب أن جمهور هجر والفتح كانوا علامة فارقة في دوري الدرجة الأولى، لكنهم تخلوا عن دورهم القيادي والريادي عندما وصل فريقاهم لمحطة الكبار. في السنوات الماضية لم تفلح المحاولات لاستعادة الجماهير في ديربي الدمام، ولا كلاسيكو الخبر والدمام، ولم تفلح هذا الموسم كل المحاولات لإعادة جمهور دانة سيهات للمدرجات رغم وجودهم في دوري «جميل» والساحل الشرقي لا يتحمل طعنة جديدة بعزوف جماهير واحة الأحساء عن قمة هجر والفتح!! بصراحة أكثر لا أعرف ماذا جرى لهذه الجماهير التي تعتبر الأولى في حضورها ووهجها وتألقها عندما يلعب الأخضر السعودي في ملاعبها، وتغيب بصورة مخجلة عندما تلعب أنديتها، نعم المنتخب أولا وثانيا وثالثا، ولكن للأندية حقا أيضا من أجل استمرارية كرة القدم في الساحل الشرقي بالشكل الذي يناسب تاريخها وعراقتها وإنجازاتها.