تصـدى وزير بـارز في الحكومة اللبنانية للمحاولات الرامـية إلى التشكيك في الهبة التي قدمتها السعودية لمؤسسة الجيش. ورد وزير الاتصالات اللبناني النائب بطرس حرب في حواره مع "الوطن" على مـن يحاولـون إثـارة الغبار والتساؤلات حـول مبادرة الريـاض، معتبرا أن تلك التصرفات "نكران للجميل". وأكد حرب أن قرار التمديد للمجلس النيابي جاء لمصلحة لبنان الذي كان مهددا بالدخول في نفق مظلم - على حد تعبيره -. وفيما انتقد الوزير اللبناني ازدواجية المواقف التي عبر عنها الأمين العام لحزب الله حول الحوار اللبناني - اللبناني، أكد في المقابل أن لبنان بـ"حاجة إلى رجل مؤمن شجاع، لديه الخبرة والمعرفة والإيمان والشجاعة، ويستطيع أن يدافع عن مواقفه كي يقود إعـادة بناء الدولـة". أكد وزير الاتصالات اللبناني النائب بطرس حرب، أن قرار التمديد للمجلس النيابي جاء لمصلحة لبنان، لأنه لو لم يتم التمديد، لكان لبنان مهددا بالدخول في نفق مظلم، ويصبح بلا رئيس للجمهورية، وبلا حكومة. ورأى أن إطلاق الشعارات المشجعة للحوار بمواكبة مواقف ضد الحوار، لا يدل على صحة هذه الدعوة، وعدّ المواقف التي صدرت عن نصر الله مع إطلاقه للحوار، لا تتناسب مع دعوته إلى الحوار. وشدد على أن "لبنان في حاجة إلى رجل مؤمن شجاع، لديه الخبرة والمعرفة والإيمان والشجاعة، ويستطيع أن يدافع عن مواقفه كي يقود إعادة بناء الدولة". وقال: "يتحمل مسؤولية تنازل اللبنانيين عن دورهم في اختيار رئيس للجمهورية، من عطل النصاب في انتخابات رئيس للجمهورية. عون وحزب الله هما من يعطلان اكتمال النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية". وأزجى الوزير بطرس حرب، شكرا للمملكة على مواقفها المشرفة مع لبنان، وذكّر بالهبة السعودية التي قدمتها الرياض لمواجهة الإرهاب، مؤكدا أن "محاولة إثارة الغبار والتساؤلات حول هذه المبادرة الطيبة، نكران للجميل والمعروف اللذين لطالما مارستهما المملكة تجاه لبنان". ذلك وغيره في الحديث الذي أجرته معه في بيروت، فإلى نص الحوار: هل غامرت برصيدك السياسي بموافقتك على التمديد للمجلس النيابي؟ هناك طريقتان في التعاطي مع العمل السياسي، إما اتخاذ مواقف تربح سياسيا وشعبيا، ولو كانت على حساب مصلحة الوطن بدواع شخصية وأنانية، وإما اتخاذ مواقف منطلقة من قناعات. بالنسبة إلي لست من الأشخاص الذين يعتمدون الأسلوب الأول، فأنا موجود في مواقع سياسية بإرادة الناس، واتخذ القرارات والمواقف التي تخدم مصلحة البلد. وبالنسبة إلى مسألة التمديد، اتخذت الموقف من منطلق قناعتي بالتمديد، ولأن الوسط الشعبي والرأي العام الذي أمثله، مقتنع وعلى اطلاع بأن المبارزات حول التمديد وعدمه ما هي إلا شعبوية، ولم أعتد أن أعمل بشعبوية، وأرى بأنني ترجمت رأي الناس في موقفي من التمديد. الناس تعلم جيدا أن لا إمكان لحصول انتخابات، ولو لم نمدد لانفرط البلد، ونحن كديموقراطيين متمسكون بإجراء الانتخابات. أتحمل مسؤولية قراري ومقتنع بأنه لمصلحة لبنان. وزارة الداخلية أعلنت عدم قدرتها على إجراء الانتخابات، حتى لو حصلت الانتخابات فمن دون رئيس للجمهورية تسقط الحكومة بحكم الدستور، حتى لو حصلت الانتخابات فإذا أمكن أن يحصل أي فريق من الفريقين على الثلثين كي ينتخب رئيسا بمعزل عن الفريق الثاني لكنا قبلنا، لكن نعرف أن الانتخابات في ظل أي قانون لن تتخطى خمسة في المئة، باتجاه أي من الفريقين، لذلك لن تعطي الأكثرية لأي فريق كي ينتخب رئيسا للجمهورية. هذا يعني أن الحالة ستبقى على ما هي عليه، في حال استمر عون و"حزب الله" في التعطيل. فلو لم نمدد لكنا بقينا بلا مجلس وبلا رئيس للجمهورية وبلا حكومة. ألا تعتقد أن مناخ التمديد يمكن أن يوصل إلى مفاجأة في شأن الفراغ الرئاسي؟ وكيف تقيم تفاؤل الرئيس نبيه بري في شأن الاستحقاق الرئاسي؟ إذا كانت المفاجأة إيجابية فأهلا وسهلا، ولا نستطيع أن نقيم تفاؤل بري ولا نعلم من أين أتى، فلست على اطلاع على المعطيات التي لديه. في النهاية لا نستطيع أن نتنازل عن تفاؤلنا ومساعينا لخلق جو متفائل، ويجب أن نرفع من معنويات الناس كي نساعدها على الصمود. هل تعتقد أن هذا المناخ نفسه يعني في شكل أو في آخر، أن حزب الله تخلى عن ميشال عون؟ "حزب الله" ملتصق بعون وأصبحا شخصا واحدا. لست ضد التحالفات لكن أتمنى أن تكون لخدمة البلد والدولة والدستور والقوانين والديموقراطية، وليست تحالفات لتعطيل الديموقراطية والانتخابات الرئاسية. ألا تعتقد أن تسمية حزب الله لعون، تعني ملاقاة 14 اذار في منتصف الطريق للبحث عن مرشح تسوية معين؟ عمليا، ممكن أن تعني ملاقاة 14 آذار في منتصف الطريق، لأن تسمية حزب الله لعون أسقطت رسميا عنه صفة المرشح التوافقي المزعومة، ليصبح مرشح شعارات ومواقف ومبادئ، تقول إن السلاح غير الشرعي يجب أن يستمر هذا من جانب، ومن جانب آخر تنادي بدخول الحزب إلى سورية والقتال إلى جانب النظام، فهذا التكامل يعني كل ذلك، ولا نعلم إلى أي مدى تخدم هذه الأمور ترشيح عون. قبل أن يرشح حزب الله عون لا أراه مرشحا توافقيا، لأنه بأسلوب العمل السياسي الذي يمارسه وفريقه، لا يوحي بالتوافق فهم فريق في وجه كل اللبنانيين الذين يخالفونهم الرأي. نصر الله رمى كرة الحوار في ملعب الفريق الآخر. كيف ترى مستقبل الحوار؟ أتمنى أن تكون دعوته صحيحة، وأن يكون هناك اتجاه جدي لبدء الحوار، نحن في حاجة إلى الحوار. ولبنان من دون حوار لا يمكن أن يحيا، وعندما ينقطع الحوار يتعرض لبنان إلى الخطر. إطلاق الشعارات المشجعة للحوار وفي المقابل يواكب هذه الشعارات مواقف ضد الحوار لا يدل على صحة هذه الدعوة. هو يخلق جو التفاؤل لكن شعلة التفاؤل تنطفىء عندما لا تدلل الممارسات على جدية الحوار. المواقف التي صدرت عن نصر الله مع إطلاقه للحوار لا تتناسب مع دعوته إلى الحوار، مثلا أصر على أن يكون عون مرشحه إلى آخر رمق، وهذا يعني أنه قطع الحوار مع من لا يريد عون، ولم يعمل على تعزيز الحوار الذي يكون من دون شروط مسبقة، فالتمسك بترشيح عون ليس مخرجا، بل تعقيد للحوار. شهدت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة اشتباكا بينك وبين حزب الله وباسيل كيف تفسر ذلك؟ ترجمة للتشنج القائم والتحالف العضوي بين حزب الله والتيار العوني. إن المساندة التي لاقاها باسيل في رفض مشروع يتعلق بقطاع مهم كقطاع الاتصالات، وهو يستند إلى حجج لا تستقيم، لأن دفتر الشروط الذي اعتمدته يعود إلى الدفتر الذي كان باسيل يعتمده. المسألة ليست منطلقة من مصلحة لبنان، بل باسيل لديه خلفيات سياسية وبعض الخلفيات الشخصية، لأنه لن ينسى عندما ترشح إلى الانتخابات أكثر من مرة في وجهنا وفشل، لأنه رفض من الناس، ما يترك لديه بعض الرواسب في نفسيته، وتجعله يشعر بعقدة المواجهة معنا. بالطبع لم نكن لنحقق له هذا الطموح لولا هذه الظروف في مجلس الوزراء ولن نحققه له. اكتشفت كثيرا من المفاجآت خلال حملك لحقيبة الاتصالات، ما خلاصة هذه الاكتشافات؟ لا يمكن أن تدار أي مؤسسة أو أي إدارة أو وزارة، إلا ضمن إطار القانون. ما كان يجري كان على هامش القانون وتجميدا لمفاعيل قانون معين لاعتبارات لا أريد الدخول في تفاصيلها، كشفي لهذه الأمور ولهذا الإرث الثقيل أزعج الفريق الذي تولى الوزارة قبلي. ليس لدي مصلحة أو رغبة في فتح الملفات لأجل معارك "دونكيشوتية". ما يهمني أن أقوم الاعوجاج في الوزارة، ومعالجة نتائج الأخطاء التي ارتكبت. وما يشغلني أن هذا القطاع بعد أن كان أول قطاع في الشرق الأوسط، ولبنان كان يحتل المرتبة الأولى، أصبحنا في آخر المراتب، بسبب سياسات خاطئة كانت متبعة. ما يهمني إعادة لبنان إلى مرتبته، من خلال إعادة النظر في السياسات المتبعة، واعتماد أسس جديدة، كي يأخذ لبنان موقعه التاريخي المتميز في مقدمة الناس، لا سيما أن عالم الاتصالات أصبح عالما متطورا جدا، وأي تأخر في هذا العالم يصيب مستوى الحياة للناس والنمو والاقتصاد في البلد. ألا ترى أن المناخات السياسية الراهنة شبيهة بتلك التي سبقت تشكيل حكومة سلام؟ كنا نتمنى ذلك، ففي وقتها كان هناك رئيسا للجمهورية يشكل مرجعاً سياسياً وطنياً في البلد، وقادراً أن يشكل حكومة. اليوم هناك فراغ في سدة الرئاسة، والرئيس سلام يبذل جهد كبير نحييه عليه، ويحاول التوفيق بين التناقضات. يجب اكتمال السلطة في لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية، واستعادة مجلس الوزراء لآلية إتخاذ قراراته بالأكثرية الموصوفة في الدستور. هل لازلت مرشحا لرئاسة الجمهورية؟ لم أكن مرشحا للرئاسة، وقلت أنني أضع نفسي بتصرف بلدي. إذا طلب مني أن أتحمل مسؤولية أن أكون رئيساً لبلدي، لن أتهرب. لكن لست بساع وراء الكرسي. أتمنى أن ينتخب رجل صالح لديه الخبرة والجرأة والشجاعة ونظافة الكف والوطنية، كي يستطيع إعادة بناء الدولة الشبه مهدمة. لبنان بحاجة إلى رجل مؤمن شجاع ومن لديه الخبرة والمعرفة والايمان والشجاعة كي يدافع عن مواقفه ويقود الحملة نحو إعادة بناء الدولة. البعض يربط مصير لبنان بالأزمة السورية؟ الأزمة السورية مؤثرة علينا لا محالة، لكن عندما يتنازل اللبنانيون عن دورهم في ممارسة واجباتهم الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية فهم بذلك يربطون أنفسهم بالأزمة السورية. أصبح رئيس الجمهورية مرتبطاً كما يبدو إقليمية. إن طال وقت حلحلة تلك الملفات، هل يبقى لبنان بلا رأس؟ يتحمل مسؤولية تنازل اللبنانيين عن دورهم باختيار رئيس، من عطل النصاب في انتخابات رئيس للجمهورية. عون و"حزب الله هما من يعطلان إكتمال النصاب لإنتخاب رئيس للجمهورية، وعليهم أن يتحملوا تبعات ذلك. كيف تنظر إلى تنفيذ العقد الخاص بالهبة السعودية للجيش بعد أن ملأ "الممانعون" الدنيا صراخا وتشكيكا؟ هل يعني ذلك ان الخيمة الدولية التي تمنع الانفجار في لبنان لا زالت صلبة؟ بدايةً لا بد أن نشكر المملكة وخادم الحرمين الشريفين على الهبة التي قدمها، والتي يحتاج إليها لبنان لمواجهة الإرهاب. محاولة إثارة الغبار والتساؤلات حول هذه المبادرة الطيبة، هو نكران للجميل والمعروف والمروؤة، التي لطالما مارستها المملكة تجاه لبنان طيلة تاريخ علاقاتها بلبنان. إثارة البلبلة والتشكيك لا يخدم لبنان ولا يخدم العلاقات اللبنانية السعودية وبالتالي هذا يؤثر على الواقع اللبناني. أما شق سؤالك الثاني فبالتأكيد هناك أتفاق دولي لإبعاد لبنان عن الانفجار، لأن لبنان قد يشكل النموذج الوحيد بين البلدان التي تتقاتل شعوبها مع بعضها، بأن يجد اللبناني الصيغة للتعايش، وإذا سقطت هذه الصيغة ستكون مضرة. هناك قسم كبير من الشعب اللبناني لديه الوعي والثقافة السياسية والوطنية التي تشكل الحصانة للبلد، الناس اصحاب المبادىء يخوضون المعارك دفاعا عن مبادئهم وليسوا رهائن لأحد، بل لمصلحة بلدهم. هؤلاء يشكلون خميرة صالحة في لبنان والحمد لله أنهم موجودين وبكثرة. بالإضافة إلى الثقافة اللبنانية التاريخية الديمقراطية عنصر إضافي، رغم أن الأخطاء التي ترتكب من قبل البعض في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه تعرض الكيان اللبناني والدولة والوحدة الوطنية للخطر. التفاهم الدولي يشكل نوعاً من شبكة أمان لعدم تدمير لبنان، لكن لا يكفي ذلك لانه لا نعلم في اي وقت يسقط التفاهم الدولي ولبنان يتعرض بذلك لخطر كبير. إلا إننا نراهن على علاقات وصداقات لبنان ومسانـدة الدول العربية الشقـيقة له هي التي تشكل الحصانة الكبيرة التي تمنع عنه الضرر ونأمل ان تستمر واتكالنا عليها.