في جدّة عددٌ مهولٌ من القطط المتشرّدة، من شتّى الأصناف والأشكال والألوان! تجدها فوق السيارات، وتحتها، وأحيانًا في جوفها، وعند أبواب العمائر، وفوق أسوار الفلل، وداخل حاويات النفايات وخارجها، وعند المقاهي والمطاعم، وعلى الكورنيش، وفي المواقع السياحية، يعني: تقريبًا.. في كلّ مكان! ومنذ عهد أوّل الأنبياء، نوح عليه السلام، يوم غمر الطوفان العظيم الكرة الأرضية، وحمل النبيُّ معه، بأمر الله عزّ وجلّ، في الفُلْك المشحون من كلّ كائنٍ حيٍّ زوجين اثنيْن، للمحافظة على بقاء الكائنات الحيّة، والقطط هي العدوّ اللدود للفئران، تصطادها بمخالبها، وتلتهمها بأنيابها، ولم يذكر التاريخ المُدوّن أن حصل بينهما أيّ تعايش بسلام ووئام!. إلاّ في جدّة الآن، إذ تتعايش القطط والفئران، وكأنّ بينها تحالفًا، ضدّ سُكّان جدّة بالطبع، فترى الفأر يمشي واثق الخطوة مَلَكًا أمام القطّ، فلا ينتفض هذا الأخير كالأسد الغضنفر، وينقضّ عليه كما كان في السابق، بل ربّما يُغمض عينيه نصف تغميضة، وكأنه غارقٌ في نوم عميق، ويموء سعيدًا بالفأر وطلّته البهيّة! هذا التحالف أحدث خللاً في التوازن الفطري، وشجّع الفئران كثيرًا على الجهر بإفسادها وفسوقها في الأرض، فأصبحت تُرى بكثرة خارج جحورها، فعدوّ الأمس الذي كانت تحسب له ألف حساب صار حليفًا، وقد رأيتُ فيديو لفأرٍ صغيرٍ يستعرض موهبته في القرض والأكل في فترينة أحد المطاعم غير مكترثٍ بقط، ولا إنسان، ولسانُ حاله يقول لأهل جدّة: أعلى ما في خيلكم.. اركبوه!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، تمنّت أن تُحْصي كم مليونًا صرفناها على مكافحة القوارض في جدّة؟ وعلى رأسها الفئران، فما نِلْنا سوى زيادةً في عددها، وسُمْنةً في أجسادها حتى صارت جُرْذانًا عملاقة، وإفسادًا وفسوقًا أكبر في سلوكها، فإن كانت نتيجة مكافحتها بالملايين هي هكذا، فبلاها مكافحة، وليت لدينا عازف مزمار كالذي كان في الأسطورة الألمانية الشهيرة في مدينة هاملن، حيث سَحَرَ الفئران بألحانه الموسيقية، بعد أن ضاقت بها المدينة، وتكدّر عيْشُ سُكّانِها بسببها، حتى تبعته جميعًا إلى البحر، لتغرق فيه للأبد!. @T_algashgari algashgari@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain