قد تقرير حديث نشرته «ماركت ووتش» إجابات للتساؤلات بشأن تراجع حدة عبء الديون الأمريكية بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، بعد أن كانت تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام وقلق الساسة الأمريكيين منذ عام 2010. ووفقاً لمكتب الموازنة في الكونجرس الأمريكي، فإن عجز الموازنة الفيدرالية بلغ 406 مليارات دولار في العام المالي 2014 والمنتهي في شهر أكتوبر الماضي، وهو ما يصل إلى ثلث حجم العجز المسجل في عام 2009، والذي شهد كساداً كبيراً. وهبط العجز من أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2009، إلى 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014، وهو ما قد يضع عجز موازنة الولايات المتحدة أسفل حد الـ3% والذي يطالب الاتحاد الأوروبي أعضاءه بضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية للوصول إليه. ويتوقع مكتب الموازنة في الكونجرس أن يبقى العجز عند نفس المستوى خلال السنوات الخمس المقبلة، ورغم أن العجز في الموازنة الفيدرالية سيصل إلى 74% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهو أعلى معدل للديون منذ عام 1950، إلا أن مكتب الموازنة يتوقع أن يظل هذا العجز عند نفس المستوى حتى نهاية هذا العقد. ومع التحسن الكبير في عجز الموازنة الأمريكية، مثلت الولايات المتحدة «عامل جذب» لرؤوس الأموال العالمية خلال العامين الماضيين. وحذر التقرير من أنه في حال عدم تنفيذ التزامات الحكومة طويلة الأجل فيما يخص الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، فإن هذا العقد سيكون بمثابة فترة راحة هادئة قبل أن تؤدي ولادة ملايين الأطفال الجدد في الولايات المتحدة إلى العودة للأزمة المالية مجددًا. ولكن حتى الآن يبدو أن التحسن في الديون والعجز مثير للإعجاب حتى بالنسبة للخبير الاقتصادي جيري شيلينج، أحد القلائل الذين حذروا من أزمة الفقاعة العقارية، وتوقعوا عاصفة الديون قبل الأزمة المالية بفترة كبيرة، والذي اعتبر أن الحكومة الفيدرالية تتعافي أسرع من القطاع العائلي، بسبب الانتعاش الاقتصادي. وأوضح شيلينج أن أسباب تراجع عجز الموازنة الأمريكية وهبوط الديون تتمثل في أن الولايات المتحدة لديها حاليًا حصيلة ضرائب أقوى، خاصة فيما يخص قطاع الشركات، لأن النمو الاقتصادي يؤدي إلى قفزة في عائدات الضرائب. أما السبب الثاني فيتمثل في أزمة رفع سقف الديون في عام 2011 بين الكونجرس والرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، والذي أدت إلى تخفيض بقيمة تريليون دولار في مصروفات الدفاع، والمحليات، ورغم أنه تم تسبب في تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، وإغلاق مؤسسات حكومية، فإن الخطة نجحت في تقليص المصروفات، وبدون التأثير على معدلات النمو بشكل واضح، ما لا يمكن أن يحدث في معظم البلاد المتقدمة الأخرى. وفي نفس الوقت، ومع ارتفاع عائدات الضرائب، خفضت الحكومة الفيدرالية وحكام الولايات الأمريكية أكثر من 600 ألف وظيفة، وهو ما ساعد على تحسين الوضع المالي لكثير من الولايات حتى كثيرة الإنفاق منها مثل «نيويورك» و»كاليفورنيا». ويقول الخبير الاقتصادي جيري شيلينج، إنه على الجانب الآخر، فإن القطاع العائلي يتعافى بشكل أقل سرعة، لأنه بسبب فقاعة المنازل والائتمان فقد بلغ إجمالي ديون القطاع العائلي التي تشمل قروض سيارات، وقروض ائتمان، وقروضا للطلاب، والرهن العقاري للمنازل، تضاعفت من 65% من الدخل الشخصي المتاح في عام 1980 إلى 130% في عام 2007. وتراجع معدل الادخار من 12% من الدخل الشخصي إلى 2% في عام 2005، بسبب اتجاه المواطنين الأمريكيين إلى إعادة تمويل الرهن العقاري بدلًا من ادخار الأموال. وظهر التعافي البطيء في القطاع العائلي، حيث ارتفع معدل الادخار إلى 5%، وهبط إجمالي ديون القطاع إلى 103% من الدخل الشخصي المتاح، بسبب أن المستهلكين عادة ما يحتاجون وقتًا أكثر لسداد ديونهم التي ارتفعت خلال الأزمات.