كشفت مصادر موثوقة لـ «الحياة» عن تحركات جادة للتنظيم الحوثي في اليمن، لتنفيذ مخطط لجمع مبالغ مالية كبيرة من طريق التسول في مناطق السعودية، وتسليمها لـ «التنظيم». وأفادت المصادر بأن أتباع التنظيم الحوثي سيقدمون إلى السعودية من طريق التهريب من الحدود الجنوبية، والذي يعتبر أقرب إلى التنظيم في مناطقهم داخل اليمن، وذلك قبل أن ينتشروا في عصابات «التسول» الموجودة بالمناطق والمحافظات، مشيراً إلى أنهم يعمدون في خططهم إلى استعطاف المواطنين والمقيمين بغية الحصــول على مبالغ مالية كبيرة. وأضافت المصادر: «عمد التنظيم في خططه إلى جمع الأموال من المواطنين والمقيمين باستعطافهم من طريق أوراق «مزورة»، وعاهات «مختلقة» والانتشار بالقرب من الجوامع والمساجد، إضافة إلى عدد من الميادين والأماكن العامة في مناطق المملكة، والعمل على تحويلها إلى التنظيم». وأشارت المصادر إلى أن أتباع التنظيم المحظور في السعودية سيحاولون تفادي انكشاف أمر المبالغ المالية وكيفية تحويلها إلى جماعة الحوثيين المتخذين من الأراضي اليمنية مقراً لهم، مبينة أنهم يعملون من خلال طرق عدة لحماية عصابات «التسول» الحوثية من الملاحقة الأمنية السعودية. وعلمت «الحياة» أن وزارة الداخلية تعمل منذ أشهر ماضية عدة، وبمختلف قطاعاتها على ملاحقة المتسولين قبل انتشارهم في مناطق المملكة كافة، وبجنسيات مختلفة، وذلك من خلال الحملات الأمنية المكثفة التي تنفذها بحق المخالفين لأنظمة الإقامة في البلاد، قبل تطبيق الأنظمة عليهم، ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت وزارة الداخلية بترحيل 267 ألفاً من المخالفين لنظام الإقامة والعمل منذ نهاية فترة تصحيح الأوضاع الأخيرة. وبحسب المصادر فإن السلطات الأمنية نجحت في التصدي لمحاولات تسلل أكثر من 100 ألف شخص خلال تلك الفترة، وذلك عبر الحدود الجنوبية للمملكة والمرتبطة بالجمهورية اليمنية. يذكر أن السلطات السعودية أدرجت التنظيم الحوثي ضمن الجماعات والتنظيمات الإرهابية المحظورة، والتي تشمل أيضاً تنظيم «القاعدة» وفروعه في اليمن والعراق وسورية، إضافة إلى «داعش» و«جبهة النصرة» و«حزب الله داخل السعودية» وعدد من الجماعات والتيارات الواردة في قوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية، والتي عُرفت بالإرهاب وممارسة العنف. ويشهد اليمن أحداثاً مضطربة منذ أيلول (سبتمبر) الماضي نتيجة لصراعات داخلية بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله الـــمعروفة بـ «الحــــوثي» والتي تتخذ من الشمال اليمني في منطقة صــــعدة مـــقراً لها، وذلك باســتيلاء الجماعة على عدد من المراكز الحكومية والأقاليم في اليمن، إضافة إلى انتشار عدد كبير من الميليشيات المسلحة في شوارع صنعاء العاصمة، والأقـــاليم الأخـــرى التي سقــطت في يد التنظيم. وأدت تلك الأحداث إلى تظاهر الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي في عدن والمكلا للمطالبة بالانفصال عن الشمال، مهددين على لسان عدد من قيادات الحراك بالبدء بإغلاق الحدود مع الشمال، وذلك ضمن سلسلة إجراءات تصعيدية لتحقيق مطلب فك الارتباط مع صنعاء. «المتسولون» ينتشرون في جدة ومكة والرياض < أرجعت دراسة علمية حديثة صادرة من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (اطلعت «الحياة» على نسخة منها) ظاهرة التسول في السعودية إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، إضافة إلى تخلف الكثير من الأعداد عن عودتهم إلى بلادهم بعد أداء فريضتي الحج والعمرة، مبينة أن الجنسية اليمنية تصدرت أعداد المتسولين في السعودية من حيث التسلل عبر الحدود، وجاءت الجنسية المصرية في المرتبة الثانية، إضافة إلى الجنسيات الأخرى. وأوضحت الدراسة أن غالب المتسولين والمتسللين عبر الحدود لا يملكون الحد الأدنى من التعليم إذ إنهم أميون. وشددت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من الوزارة أن التسول يهدد النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وذلك من خلال تزايد الحوادث في المجتمع، مشيرة إلى أن مناطق وجودهم تكثر في محافظة جدة ومكة المكرمة، وتأتي العاصمة الرياض في المرتبة الثالثة من حيث كثرة المتسولين. وأشارت الدراسة المدعومة من «مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية» إلى أن أكثر المتسولين المقبوض عليهم من غير السعوديين، وتتمركز مواقع تسولهم في الأسواق والمساجد، والإشارات المرورية. وبينت الدراسة أن أعمار المتسولين المقبوض عليهم تتراوح بين 16 و 25 عاماً، تليهم الفئة العمرية 46 عاماً فأكثر، كما أن غالبيتهم من الذكور والأميين وذوي الدخول المنخفضة، موضحة أن شريحة كبيرة منهم من المتزوجين والعاطلين عن العمل وممن يعولون أسرهم. وأضافت: «الكثير من المتسولين يتبعون طرقاً مختلفة للتسول منها استغلال الأطفال في العملية، والخداع والتمثيل وادعاء العاهات والتخلف العقلي وعرض الصكوك والوثائق». وأوصى الفريق البحثي بضرورة دعم الجهات ذات العلاقة بمكافحة التسول بالأفراد وتنسيق جهودها، ووضع الضوابط والإجراءات النظامية لمنع التخلف بعد الحج والعمرة، مشددة على تنظيم حملة إعلامية لتوعية المجتمع بخطورة التسول على المجتمع والتعريف بآثاره الخطرة، في الجوانب الاجتماعية والأمنية والاقتصادية. كما أوصى الفريق بوضع جزاءات رادعة تحد من ظاهرة التسول مثل الغرامات المالية والسجن، مع إجراء المزيد من الدّراسات العلمية حول الأُسر السعودية التي لا يكفيها الضمان الاجتماعي، الأمر الذي اضطر هذه الفئة للتسول من الناس.