أبلغ "الاقتصادية" ثلاثة من كبار التنفيذيين في ثلاثة مصارف محلية، أن هناك هبوطا كبيرا في حجم طلبات التمويل العقاري، التي تمت الموافقة عليها خلال الشهرين الماضيين، بعد إقرار اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل العقاري؛ التي وضعت تحديد نسبة التمويل المستحق للمستهلك بمقدار 70 في المائة من قيمة المسكن محل عقد التمويل العقاري، وبالتالي فإن المتمول يلتزم بدفع 30 في المائة من قيمة القرض مقدماً، مشيرين إلى أن نسبة رفض طلبات التمويل تجاوزت 60 في المائة. وقال المسؤولون المصرفيون إن مسحا ميدانيا أجرته بعض المصارف للقدرة المالية للعملاء، اتضح من خلالها أن نسبة القادرين على الوفاء بهذا المتطلب ضعيفة، وأن المستفيد الأكبر منها هم "ملاك العقار" أو المقاولون الذين يستفيدون منها في إنهاء التشطبيات للفلل والعمائر التي يقوم ببنائها، أو توسيع قاعدة السوق السوداء للتمويل، التي يلجأ إليها طالبو التمويل لتوفير الـ 30 في المائة. وبين المصرفيون أن تراجع حجم القروض العقارية التي تقدمها المصارف ضمن نشاط مبيعاتها، رفع مستوى المنافسة بين المصارف المحلية على أسعار الفائدة في الفترة الأخيرة، لكسب أكبر قدر من العملاء على هذا المنتج. يقول مدير أحد فروع المصارف الوطنية في المنطقة الشرقية، إن المصرف استقبل خلال الشهرين الماضيين أكثر من 165 ألف طلب قرض عقاري، تم رفض أكثر من 60 في المائة من الطلبات بسبب عدم استيفاء الشروط الأخيرة. وقال المسؤول المصرفي الذي - فضل عدم ذكر اسمه - إن السبب الرئيس في رفض طلبات القروض العقارية، تطبيق نظام التمويل العقاري بصيغته الجديدة التي تم التقيد بها منذ التاسع من نوفمبر الماضي. واتهم المسؤول المصرفي بعض المصارف بتجاوز الشرط الأخير، بعد أن وجدت أن ذلك يمكن أن يهبط بمستوى عملياتها التمويلية هذا العام، وذلك بحجة أن تقديم الطلب تم قبل التاريخ المحدد. وتوقع المسؤول أن اللائحة الجديدة التي نصت على أن يكون الحد الأعلى للتمويل العقاري للمسكن 70 في المائة، ستكون من أحد أهم أسباب انخفاض أسعار العقارات بشكل عام في المملكة، بسبب تراجع الطلب، كونه من الصعب على المستهلك ذي الدخل المحدود توفير 30 في المائة من قيمة المسكن، مؤكدا أن اللائحة أسهمت بشكل كبير في ضعف الطلب على القروض العقارية. وحذر المسؤول المصرفي من أن اللائحة الجديدة أجبرت الكثير من ذوي الدخل المحدود على التوجه لشركات التمويل وشركات التقسيط ووكالات السيارات غير المرخصة أو ما يمكن تسميته "سوق سوداء للتمويل"، من خلال شراء بعض السلع ومن ثم بيعها لتوفير 30 في المائة وتقديمها للمصرف ليتمكن من شراء المسكن العقاري بطريقة شرعية. وقال "مثل تلك الخطوة خطيرة؛ كونها تتسبب في تعثره في السداد، نظرا لكثرة الالتزامات المالية على المواطن، وزيادة هامش الربح والقسط الشهري، ما قد ينتج عنه التعثر في السداد وقد يخسر المنزل"، مشيرا إلى أن بعض موظفي القطاع الحكومي والخاص من ذوي الدخل العالي توجهوا لبعض المصارف للاستفادة من القروض الاستهلاكية لتوفير ما يطلبه المصرف من قيمة المنزل العقاري. فيما قال تنفيذي مصرفي في مصرف في الرياض إن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة، على اعتبار أن متوسط المبلغ المطلوب من طالب القرض لا يقل عن 300 ألف ريال، وهو مبلغ يتجاوز متوسط مدخرات الموظفين السعوديين بفارق كبير. وأضاف رئيس قطاع التمويل في أحد أكبر المصارف السعودية في الرياض، قال من ناحيته، إن اللوائح الجديدة لم تدرس وضع السوق قبل التطبيق، قدرات طالبي القروض محدودة، خصوصا في ظل ما يشكله مبلغ الدفعة من حجم القرض، إذ إن القروض أو أسعار الفلل السكنية عادة ما تكون ما بين 800 ألف إلى 1.2 مليون ريال نقدا، ويرتفع سعرها إلى 1.6 مليون، ما يعني أن نسبة الـ 30 في المائة لا قتل عن 300 إلى 400 ألف ريال، وهو مبلغ عال جدا. وتابع "هذا دفع الكثير من طالبي القروض إلى إلغاء الفكرة في الوقت الراهن، بل إنه تسبب في إلغاء الكثير من الطلبات التي تمت الموافقة عليها مسبقا، أو كانت على وشك الانتهاء". من جهته قال لــ"الاقتصادية" طلعت حافظ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في المصارف السعودية إن جميع المصارف الوطنية طبقت اللائحة منذ بداية التاسع من نوفمبر الماضي دون أي استثناء، مضيفا أنه لم تسجل أي ملاحظة أو تجاوز على أي مصرف وطني منذ تطبيق اللائحة. وبين حافظ أن هناك بعض المصارف لديها طلبات كثيرة تعثرت، بسبب بعض الإجراءات، تسببت في التأخير، قامت بمنح العملاء القروض دون توافر شرط الـ 30 في المائة قبل تاريخ تطبيق اللائحة، مضيفا أن اللائحة عممت على جميع المصارف، وتم التعهد بتطبيقها، دون أي استثناء لأي مصرف. وأوضح حافظ أن القرض العقاري حق مشروع لكل موظف حكومي أو خاص إذا كان راتبه يغطي ذلك القرض، نافيا وجود تلاعب بين المصارف والموظفين من حيث الزيادة في تعريف راتب الموظف لبعض المصارف. وقال "هناك تواصل دائما بين إدارة المصارف والجهات الحكومية والقطاع الخاص للتحقق من التعريف بالراتب، ولم تسجل أي ملاحظة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن أكثر من 95 في المائة من المقترضين من المصارف تكون رواتبهم لدى المصرف المقترض منه، وبذلك يعرف المصرف مقدار الراتب بعد حسم التأمينات. وبين أن اللائحة مطبقة في جميع دول العالم وتخدم المواطن والمستهلك، خاصة ذوي الدخل المحدود، مضيفا أنه حتى الآن لم تظهر النتائج الحقيقية لتطبيق اللائحة، ومن الصعب الحكم عليها قبل منتصف 2015 المقبل.