×
محافظة المنطقة الشرقية

الغذاء والدواء تحذر من استخدام مستحضر «زينو كافيه»

صورة الخبر

طغت وفاة الممثلة والمطربة صباح على وفاة الشاعر سعيد عقل. اختطفت الاهتمام الإعلامي في لبنان حين أذيع نبأ الوفاة، ويوم الأحد الماضي عندما تم تأبينها وأقيمت جنازتها. جمهور غفير جدا (يقدّر بالآلاف حسب بعض المحطّات التلفزيونية) احتشد قبالة كنيسة مار جورجيوس في منطقة المعرض، وكثيرون ساروا في جنازتها من الكنيسة إلى السيارة السوداء التي حملتها إلى وادي شحرور حيث دفنت. في المقابل، وفاة سعيد عقل تمّت في هدوء نسبي. قيل له وعنه وفيه وضده. لكن ما قيل لا يماثل، حجما، ما قيل وكُتب في الفنانة اللبنانية التي احتلّت مكانتها بين أهل القمّة الفنية طوال عقود. لا أحاول بالطبع القول إن الفنان محظوظ أكثر من الشاعر والأديب. أولا لأن هذا التأبين الكبير كان متوقعا لصباح بسبب ماضيها وما أشاعته عبر عقود طويلة من حب وإعجاب. وثانيا لأن العديد جدا من الفنانين (في مختلف ضروب الفن العربي) يموتون منسيين. بعضهم يموت فقيرا، وبعضهم يموت وحيدا، وبعضهم يموت يأسا.. كلهم يموتون لكن لا أحد منهم يغيّر خريطة الحياة بوفاته ولو بقيد أنملة. لا أعتقد أننا من تلك المجتمعات التي تنشد التقدم فعلا. بين كل التأبينات التي قرأتها عن صباح، ومن قبل عن وديع الصافي (فنان آخر رحل من دون اهتمام حكومي أو إعلامي بالحجم المستحق) وسواهما، لا يوجد من عرف كيف يكتب مقالة شاملة ودقيقة. مقالة تغطّي الحياة الاجتماعية بقدر محدود ومن دون عبارات إنشائية ساذجة والحياة المهنية على نحو معرفي وتفصيلي جيّد. هذه الورود تستحق أن يُكتب عنها على نحو أفضل بكثير. بالنسبة لصباح فإن تاريخها في فن التمثيل (وتاريخها الحافل في فن الغناء) تبخّر بالكلمات الدارجة من دون عمق. هي «الشحرورة» وهي «الأسطورة» وهي «الصبّوحة».. ثم ماذا بعد نفاد هذه الكلمات؟ لا شيء. تعاد وتتكرر منتقلة من محطة تلفزيونية إلى موقع إخباري ومن مقالة تدّعي الدراسة إلى أخرى إخبارية موجزة. لا أحد توقف عند أفلامها الأولى في مصر وكيف تمكنت منها. أو عن أفلامها مع عبد الحليم حافظ أو عماد حمدي، أو تلك التي تحت إدارة هذا المخرج أو ذاك. وما إذا كانت ممثلة جيّدة أو نجمة جيّدة. لا عمق في الكتابات ولا رغبة في البحث المضني عن الذات الفنية وتقديرها. وهذه ليست المرّة الأولى على كل حال. كل عام يسقط منّا فنانون مختلفون ونتوقّف عندهم للوقت الذي يستغرقه قراءة العنوان فقط. بعد ذلك الراحل يصبح خارج مجال التغطية. وليس المطلوب أكثر من مقارنة بين كيف تكتب الصحافة الأوروبية والأميركية عن فنانيها وأدبائها وعلمائها حين يموتون، وكيف نكتب نحن. الفارق شاسع والباع طويل. هناك يحضّرون كل شيء سلفا ويضعونه في الثلاجة إلى حين الوفاة. السبب هو أن الكتابة قبل الوفاة تمكّن الكاتب من البحث. أما الكتابة بعد الوفاة فهي تبقى في نطاق الخبر العابر. لكن السائد عندنا هو أن يدافع أهل الكتابة عن مثل هذه المواضيع عن أنفسهم واختياراتهم بالقول إن الناس لا يريدون التفكير. هذا مثل قيام أحد بقطع الماء والقول إن الناس لا يودون أن يشربوا. صحيح؟