لم تعد أعمال الخير قاصرة على التبرع بالمال ومساعدة المساكين؛ بل توسعت دائرتها لتشمل الأعمال الإنسانية؛ التطوعية؛ والمجتمعية بشكل عام. التبرع بالأعضاء من روافد الخير والعطاء التي يسهم بها المتبرع في إحياء النفس البشرية؛ ويتقرب بها إلى ربه؛ ويحتسبها صدقة جارية غير منقطعة. أقبل القرن الحالي بأمراضه المزمنة، كأمراض الكبد؛ الكلى؛ القلب؛ والرئة، وغيرها من الأمراض الأخرى، في الوقت الذي شهد فيه الطب تطوراً كبيراً ساعد في إجراء عمليات نقل الأعضاء البشرية بكل يسر وسهولة؛ ما جعل من عمليات التبرع بالأعضاء البشرية ضرورة لسد الحاجة المتنامية في الطلب على الأعضاء. آلاف من مرضى الفشل الكلوي؛ الكبد؛ القلب؛ الرئة هم في أمسّ الحاجة للحصول على أعضاء جديدة تُعينهم على ممارسة حياتهم الطبيعية؛ وبالرغم من نمو حجم الوفيات في المملكة تبقى عمليات التبرع بالأعضاء محدودة جداً، لا تُقارن بعدد المتوفين؛ أو بالاحتياجات الضرورية لسد الطلب المحلي على الأعضاء، ما يحرم كثير من المرضى؛ المهددين بالوفاة؛ من الحصول على الأعضاء المهدرة. التبرع بالأعضاء عمل إنساني نبيل يحقق مبدأ التكافل الاجتماعي ونحسبه من الصدقات الجارية التي لا ينقطع أجرها عن المتوفى بإذن الله. أعداد مهولة من وفيات الحوادث، والمتوفين دماغيا تحدث في المملكة كل عام، إلا أن أعضائهم المهمة تُدفن معهم لعدم موافقة الأهل، أو عدم حملهم وثيقة التبرع بالأعضاء. أجزم بأن لعلماء الدين دور مهم في هذا الجانب؛ ففتوى جواز التبرع لم تحقق الهدف المأمول بعد لقصور المعرفة لدى كثير من المواطنين. ما زالت ثقافة التبرع بالأعضاء قاصرة برغم الجهود الرسمية، وحرص الجمعيات المتخصصة على فتح باب التبرع على مصراعيه. نشر الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء؛ أمر غاية في الأهمية؛ خاصة مع إرتفاع تكلفة العلاج؛ وصعوبة تعايش المرضى معها؛ إضافة إلى إرتفاع تكلفة نقل الأعضاء في الخارج؛ وما يصاحبها من مخاطر صحية قد تؤدي إلى الوفاة. تدشين الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ أمير المنطقة الشرقية؛ حملة (خلونا نحييها) جزء لا يتجزأ من منظومة التوعية الشاملة الهادفة لتنشيط عمليات التبرع بالأعضاء في المنطقة الشرقية، والمملكة بشكل عام. حملة مباركة تهدف إلى توعية وتثقيف جميع شرائح المجتمع بأهمية التبرع بالأعضاء من الأحياء والمتوفين دماغياً لصالح مرضى الكلى؛ القلب؛ الكبد؛ الرئة؛ وغيرها من الأعضاء من أجل مساعدتهم على العيش والعمل وممارسة حياتهم الطبيعية؛ إضافة إلى تعزيزها القيم والأخلاق؛ وإسهامها في تحفيز المتبرعين لصالح مرضى الفشل العضوي المسجلون على قائمة الانتظار الطويلة. أجزم بأن إنخراط الأمير سعود بن نايف شخصياً في الحملة؛ وتوقيعه على وثيقة التبرع بأعضائه؛ سيسهم في نشر الوعي الذي نهدف إليه جميعاً؛ خاصة وأنها الحملة الأكبر على مستوى المملكة والوطن العربي؛ إلا أن الجهود الحالية يفترض أن تُشكل بداية الانطلاقة لحملة التوعية المستدامة التي ستسهم؛ بإذن الله؛ في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء في المملكة؛ وبما يوفر العدد الكافي منها لسد الاحتياجات المحلية؛ ومعالجة مشكلة قائمة انتظار المرضى الطويلة؛ التي يفوق عدد الخارجين منها بالوفاة؛ عدد المحظوظين بالحصول على الأعضاء البديلة. احتفاء الوفاء ودع الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد المنطقة الشرقية بعد تعيينه أميراً لمنطقة نجران؛ تاركاً خلفه رصيد عمله الجميل؛ وعلاقاته الإنسانية؛ ومشاركاته النبيلة للأهالي بلمسته الأسرية الحانية؛ محتفظاً بالتقدير والحب من جميع أهالي المنطقة؛ على ما قدمه من عمل متميز؛ وفي مقدمهم سمو أميرها الذي احتفى به في ليلة وفاء وتكريم؛ بحضور الأهالي. تجسد الوفاء في أبهى صوره الإحتفائية الجميلة؛ وأثبت أن الرصيد الأهم هو كسب القلوب؛ والعقول؛ ومد جسور المحبة مع الجميع.