مناورات نمر 3 المعاني والدلالات... عبدالله أحمد الزهراني كثيراً ما تفرض كل من الجغرافيا والموقع لأي دولة خاصة إذا كانا استراتيجيين، تحديات من حيث القدرة على تأمينهما والذود عنهما، وبالنسبة لبلادنا ليس خافياً ما يمثله الموقع الجغرافي الاستراتيجي من أهمية بالغة، لإطلالته على طرق التجارة الدولية وتحكمه في أحد المنافذ المهمة لهذه الطرق، بالإضافة إلى الاتساع والامتداد الكبيرين للسواحل السعودية، وما تمثله من تحديات أمنية كبيرة تتطلب تضافر الجهود للمساهمة في تأمين طرق التجارة الدولية البحرية والمشاركة في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وتأمين هذه السواحل من العمليات غير الشرعية التي يتصدرها حالات التسلل وتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية، الأمر الذي أصبح يشكل عبئاً كبيراً جداً على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. كل ذلك يمثل أسباباً حقيقية لرفع مستوى الجاهزية لدى أسلحة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وغيرها من أجل المراقبة الدائمة والضرب بيد من حديد لأي نشاط يضر بأمن السعودية أو يسهم في زعزعة الأمن والسلم الدوليين. هذا وقد شهد الساحل الشمالي الغربي للمملكة يوم الإثنين الماضي انطلاقة المرحلة الثانية من فعاليات نمر 3 التي راقب من خلالها الحضور العديد من الفرضيات العسكرية التي دارت أحداثها على أرضية المواقع العسكري بمركز شرما 120 غرب مدينة تبوك، واشتملت على عمليات اقتحام، واستطلاع خاص، ومهام مباشرة، واستطلاع وقنص وكشف وإبطال وإزالة، واقتحام راجل بالذخيرة الحية، واقتحام عمودي بواسطة الحبل السريع من الطائرة العمودية والانتشال، وهبوط عملياتي هجومي وتسلل للضفادع البشرية. ويأتي التمرين السعودي الفرنسي المشترك المختلط نمر3، والذي تنفذه الأجهزة الأمنية والعسكرية، وبمشاركة عدد من الجهات المدنية الحكومية والخاصة، ترجمة عملية للأدوار الوطنية المنوطة بهذه الأجهزة، ولرسالتها ولأهدافها السامية التي أنشئت من أجلها. وما من شك أن التطورات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم تدفع باتجاه رصدها ومتابعتها، والحرص على تعزيز القدرات العملياتية والأمنية الوطنية في مجال الأمن البحري، ودعم جوانب التدريب على العمليات والمفاهيم الأمنية واللوجيستية الحديثة. وحسب الجهات المعنية فإن هذا التمرين العسكري، يعد واحداً من سلسلة التمارين التي سيتم تنفيذها تباعاً ضمن الخطط التدريبية للجهات المشاركة، ووفق الاحتياجات التدريبية والعملياتية، وبما يحقق المفهوم الشامل للأمن العسكري وذلك في إطار الجهود الحثيثة والمستمرة لتأمين المياه الإقليمية والاقتصادية للسعودية، وتعزيز القدرات والإمكانات القائمة في التعامل مع التحديات والمتغيرات الأمنية المختلفة، والتي تسهم بشكل فعال في تأمين الملاحة البحرية لمياه السعودية وحماية الشواطئ السعودية الممتدة. صحيح أن السياسة السعودية قامت ركائزها على مد يد السلام والحوار والتعامل الحكيم والمتعقل مع المشكلات، ورفض حل القضايا والمشاكل بالأساليب العسكرية والعنيفة، واحترام المصالح المشتركة، ومد جسور العلاقات والصداقات، إلا أن رفع مستويات الاستعداد والجاهزية ورفع مستوى الخبرات والكفاءات لا يتنافى مع ذلك، بل هو أمر ضروري في العلم العسكري وفي السياسة أيضاً... فإذا كانت العلوم الطبيعية تقوم على التجارب العملية مراراً وتكراراً وصولا إلى النجاح والأهداف، فإن في الجوانب العسكرية أو العلوم العسكرية تكون التمارين العملية والمناورات العسكرية، ومحاكاة الحروب وكيفية صد العدوان، من أساسيات العلم العسكري والخدمة العسكرية، فأي قوات مسلحة لا تطور ذاتها من جميع النواحي، ولا تواكب المكتشفات والاختراعات والوسائل الحديثة في المجالات العسكرية والتصنيع العسكري، تبقى قوات متخلفة عسكرياً ومن السهل التغلب عليها، فكما أن الجسم يكتسب قوته ونشاطه وحيويته من التمارين التي يمارسها، كذلك حال القوات المسلحة. ولذلك نشدد ونشد من أزر قواتنا المسلحة لتطوير قدراتها وذاتها لتكون مواكبة لما يفرزه العصر من تكنولوجيا عسكرية، ووسائل قتالية، وكما قلنا ليس من أجل الحرب، وإنما من أجل حماية مكتسبات بلاد الحرمين الشريفين والمساهمة في تنمية الوطن واستقراره والحفاظ على أمن مواطنيه والمقيمين فيه، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين. إن قواتنا المسلحة وكافة الأجهزة الأمنية ستظل تقوم بأدوارها الوطنية في الذود عن منجزات الوطن والدفاع عن حياضه، وستظل بمشاركتها المشهود لها في التنمية الوجه المشرق لحضارة بلادنا وتراثها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها واحترامها للآخر.