أبوظبي: «الشرق الأوسط» شدد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات على أن صون التجربة الاتحادية هو هدف وطني مستدام، يتطلب من الجميع وعيا وتلاحما، مشيرا إلى أهمية إعلاء قيم الاتحاد وترسيخ ثوابته، وتأكيد التفاعل والتكامل القائم بين الدولة الاتحادية والحكومة المحلية لتمكين أجهزتها من التصدي للمسؤوليات الوطنية بكل أمانة وشفافية لبناء وطن قوي. وقال الشيخ خليفة، في الكلمة التي وجهها بمناسبة اليوم الوطني الثالث والأربعين للدولة: «إن الثاني من ديسمبر (كانون الأول) نستعيد فيه بالإكبار السيرة العطرة للآباء المؤسسين الذين صاغوا تطلعات الوطن والمواطن وجعلوا من تعدده كيانا سياسيا واحدا هو دولة الإمارات العربية». وقال إن «يوم الثاني من ديسمبر محطة راسخة في الأذهان.. يوم لتعميق حب الوطن وتعزيز قيم الانتماء والولاء». وأشار رئيس دولة الإمارات إلى عظم العمل الوطني الذي تحقق خلال الأعوام العشرة الماضية منذ أدائه قسم تحمل المسؤولية وحمل الراية رئيسا لدولة الإمارات، على نهج والده الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه المؤسسين الذين أنجزوا لدولة الإمارات استقرارا وأمنا ورفاهية وتقدما فكانوا لأمتهم نموذجا في ترسيخ قيم العزة والشموخ. وأبدى الشيخ خليفة سعادته بـ«الوثبة الحضارية المشهودة التي أنجزها الوطن، وتبوؤ الدولة مرتبة عالية في مؤشرات التنمية البشرية وتحقيقها المرتبة الأولى عربيا في مؤشرات الابتكار والسعادة وجودة الحياة، وكذلك الأولى عالميا في التماسك الاجتماعي والكفاءة الحكومية وحسن إدارة الأموال العامة والثقة في الحكومة وفي متانة الاقتصاد». وقال إن الدولة أصبحت مركزا إقليميا رئيسا للتجارة الدولية ورائدا إقليميا في تمكين المرأة إضافة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة بين الأفضل عالميا في مؤشرات الأمن والاستقرار. ثمن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي جمعت قادة الكويت والبحرين وقطر والإمارات وأنهت الخلافات وعززت مسيرة التعاون والتكامل الخليجي. وأشاد بمثابرة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وحرصه على البيت الخليجي وما بذله من جهد لتقريب وجهات النظر، متطلعا إلى مشاركة فاعلة في قمة الدوحة تجسد التزام دولة الإمارات القوي بدعم الأمن الجماعي والعمل التكاملي المشترك لتحقيق طموحات شعوب المنطقة واستقرارها وازدهارها. وأكد رئيس الدولة أن دولة الإمارات اتخذت بكامل إرادتها قرار المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب انطلاقا من ثوابت سياستها الخارجية والتزاما بمسؤولياتها التشاركية في دعم واستقرار المنطقة والعالم. وأوضح أن بلاده أصدرت قانونا متكاملا لمكافحة جرائم الإرهاب تأكيدا على المواقف الثابتة الداعية لنبذ الإرهاب والتطرف والعنف ودفاعا عن خيارات الدولة وثوابت التجربة المؤسسة على قيم الانفتاح والاعتدال والوسطية، مؤكدا أن «التنمية والإرهاب يتعارضان ولا يلتقيان، فالتنمية أمن واطمئنان ورخاء بينما الإرهاب يمثل أقصر الطرق لإنتاج الدولة الفاشلة سياسيا واقتصاديا والممزقة اجتماعيا ومعنويا ومنقسمة جغرافيا ومذهبيا». وعبر الشيخ خليفة بن زايد عن حزنه وقلقة لما تشهده بعض دول المنطقة العربية من عنف وإخفاق للدولة وغياب الأمن، مطالبا بتضافر الجهود الرسمية والشعبية داخل الدولة الواحدة لتحقيق التوافق ومقاومة الإرهاب في تزامن مع تنفيذ برامج تنموية تعزز كرامة الإنسان داخل وطنه. كما عبر عن ثقته بأن مصر الناجحة هي بوابة السلام والاعتدال في الوطن العربي، مؤكدا على واجب المنظومة الإقليمية والمجتمع الدولي في الإسهام في تعزيز استقرار مصر ودعم مسيرتها الاقتصادية والاجتماعية لتمكينها من العودة إلى مكانتها الرائدة في العالم العربي. ودعا إلى بذل مزيد من الجهود العربية والدولية لدعم الشرعية ومؤسساتها في ليبيا واليمن والصومال لحماية أمن هذه الدول وإعادة الاطمئنان والاستقرار لمواطنيها. ورحب بالتحولات التي يشهدها العراق، ودعا مكوناته إلى مزيد من التوافق حول الثوابت الوطنية بما يعيد للدولة الهيبة ولأهلها الأمان، مؤكدا أهمية توحيد الرؤية الدولية والإقليمية في التعامل مع الأزمة السورية وصولا إلى عملية سلمية تكون قادرة على وقف إهدار القدرة وتبديد الموارد وسفك الدماء. وقال الشيخ خليفة: «إن دولة الإمارات تتطلع إلى بناء علاقات أفضل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك تعزيزا لجهود الأمن والاستقرار في المنطقة»، مؤكدا أن هذا الأمر لا يعيقه إلا استمرار احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث «طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» و«أبو موسى»، ورفضها أي تفاهم أو حلول سلمية عبر التفاوض أو التحكيم الدولي وتدخلها غير المرغوب في الشؤون الداخلية للدول العربية والخليجية، وهو أمر يحول دون توافق أمني إقليمي مطلوب في المنطقة. ورحب بقرار الحكومة السويدية والبرلمان البريطاني بالاعتراف بدولة فلسطين، واعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح تنسجم مع الاعتراف الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، وتعزز فرص السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، الذي لن يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل من أراضي الضفة الغربية المحتلة في فلسطين ومن الجولان وجنوب لبنان. من جانبه قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «في كل عام نتوقف في يوم الثاني من ديسمبر لنحتفل بذكرى قيام اتحادنا وتأسيس دولتنا، وعاما بعد عام تزداد إشراقات هذا اليوم في نفوسنا ويتغلغل أكثر في وجداننا ويعمق ولاءنا وانتماءنا لوطننا وقيادتنا ويزيدنا تقديرا واحتراما لآبائنا المؤسسين ولرمز اتحادنا وعنوانه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان». وأضاف: «اليوم يمتلئ خاطرنا بطيف الشيخ زايد وطيف الشيخ راشد وإخوانهما الحكام المؤسسين، فنناجي طيفهم الغالي ونقول: نحن كما أردتمونا أن نكون، أحلامكم لهذا الوطن تجسدت حقائق مرئية وملموسة، لولا غرسكم الطيب لما كان لنا أن نحصد الثمار ونجدد الغرس ونضيف إليه ونسير معه وبه إلى العلا، هذا الوطن الذي غادرتموه إلى دار البقاء نحمله مع أبناء وبنات الإمارات في قلوبنا ونحرسه برموش عيوننا ونسهر على تنميته وأمنه واستقراره وتطويره ليظل شامخا عزيزا مرفوع الرأس». وزاد الشيخ محمد بن راشد: «نحن نجحنا في بناء نموذجنا الإماراتي وسط بيئة إقليمية ودولية تتسم بالاضطراب والتدافع وتحفل بالحروب والصراعات، وخلال العقود الأربعة الماضية وقعت في منطقتنا ثلاث حروب كبرى استطال بعضها لسنوات عدة وكان مصدر تهديد لأمن واستقرار كل دول المنطقة، وبفضل نهجنا السياسي وتمسكنا بمبادئ التعايش السلمي وحسن الجوار وجاهزية وكفاءة قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وعلاقة الحب الفريدة بين شعبنا وقيادتنا تمكنا من عبور تلك العقود بأمن وسلام». ولفت نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «خلال السنوات الأربع الماضية ألقت تداعيات ما أطلق عليه (الربيع العربي) بأثقالها وحممها وخرابها على بلدان عربية عدة وأصابت المجال العربي العام فعمت (الفوضى القاتلة) في هذه البلدان ونخرت الانقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية في مجتمعاتها وشهد ويشهد بعضها حروبا أهلية طاحنة أهلكت الحرث والنسل وتكاثر فيها العنف والإرهاب وظهرت جماعات إرهابية تنسب نفسها إلى الإسلام وهو منها براء، واقترفت جرائم لا سابق لوحشيتها وبشاعتها فقدمت صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين لا يستطيع أعتى أعداء الإسلام والمسلمين أن يقدم صورة أسوأ منها». وأضاف: «لقد تابعنا ونتابع ما جرى ويجري في دول (الربيع العربي) وواجهنا بحسم وحزم كل محاولات المساس بأمننا وزعزعة استقرارنا، ونحن بالمرصاد لكل من يتربص بنا أو يفكر بإيذائنا، وفي الوقت نفسه فإننا نقوم بواجبنا للدفاع عن ديننا الحنيف ومساعدة الدول الشقيقة في مواجهة ظروفها الصعبة.. متطلعين إلى إنهاء كل الأوضاع الشاذة في تلك الدول لتتفرغ إلى بناء التنمية وتحسين نوعية حياة مواطنيها». وأكد أنه ينظر بعين الرضا إلى «إنجازاتنا في العام الاتحادي الفائت وأتطلع بتفاؤل إلى العام الجديد، فقد عززنا في العام الفائت مواكبتنا للاتجاهات العالمية الصاعدة التي تحدد مكانة الدول في المستقبل وتطبع بطابعها أنماط العيش وطبيعة الأعمال وطرق أدائها في القطاع الحكومي وفي القطاع الخاص وسواء تعلقت هذه الأعمال بالخدمات أو بالإنتاج».